تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ٢ - الصفحة ٤٣
لا يقال: الآية دلت على أن الدين المرضي مما يصدق عليه الاسلام، ولم يدل على أن كل إسلام دين مرضي، فلعل ذلك باعتبار بعض أفراده. وأيضا يكفي في كونه مرضيا، كونه مما يحقن به الدم وترتب بعض الأحكام عليه ولا يلزم كونه مما يثاب عليه ويصير سبب نجاة في الآخرة.
لأنا نقول: في الجواب عن الأول: إن تعريف جزئي الجملة يفيد انحصار كل منهما في صاحبه كما حقق في موضعه، فيفيد أن الاسلام لا يكون دينا غير مرضي أصلا.
وعن الثاني: أن المتبادر الصريح من كونه مرضيا عند الله كونه مما يثيب عليه في الآخرة. وأما كونه مرضيا بالمعنى الذي ذكرته فمما لا ينقاد له الذهن، فلا يحمل عليه بوجه.
وقرأ الكسائي بالفتح على أنه بدل " أنه ".
وقرئ " إنه " بالكسر، و " أن " بالفتح على وقوع الفعل على الثاني واعتراض ما بينهما. أو إجزاء " شهد " مجرى قال تارة، وعلم أخرى، لتضمنه معناهما.
وما اختلف الذين أو توا الكتب: في دين الاسلام، فقال قوم: حق، وقال قوم: مخصوص بالعرب، ونفاه آخرون مطلقا. أو في التوحيد، فثلث النصارى، وقالت اليهود: عزير بن الله.
" والذين أوتوا الكتاب " أصحاب الكتب المتقدمة، وقيل: اليهود والنصارى، وقيل: هم قوم موسى اختلفوا بعده، وقيل: هم النصارى اختلفوا في أمر عيسى.
إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيابينهم: أي من بعد ما جائهم الآيات الموجبة للعلم.
ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب: وعيد لمن كفر منهم.
وفي الآية دلالة على كفر من تمكن من العلم بدين الحق، وأنكر، وإن لم يحصل له العلم باعتبار تهاونه.
وبذلك يظهر كفر من سمع من أهل السنة من أهل تقليدهم، أن دينا غير دينهم موجود يتدين به غيرهم، وتهاون في تحصل العلم مع تمكنه منه.
(٤٣)
مفاتيح البحث: الشهادة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»
الفهرست