بالجذماوين (1) إلى صدره ثم التفت إلى أبي سفيان فقال: هل أعذرت في بني عبد الدار؟ فضربه علي (عليه السلام) على رأسه فقتله، فسقط اللواء، فأخذتها عمرة بنت علقمة الكنانية فرفعتها، وانحط خالد بن الوليد على عبد الله بن جبير وفرقوا أصحابه وبقي في نفر قليل فقتلهم على باب الشعب، ثم أتى المسلمين من أدبارهم، ونظرت قريش في هزيمتها إلى الراية قد رفعت، فلاذوا بها، وانهزم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) هزيمة عظيمة، وأقبلوا يصعدون في الجبال وفي كل وجه، فلما رأى رسول الله الهزيمة كشف البيضة عن رأسه، وقال: أنا رسول الله إلي، إلى أين تفرون عن الله تعالى وعن رسوله.
قال وكانت هند بنت عتبة في وسط العسكر، وكلما انهزم رجل من قريش دفعت إليه ميلا ومكحلة، وقالت: إنما أنت امرأة فاكتحل بهذا.
وكان حمزة بن عبد المطلب يحمل على القوم فإذا رأوه انهزموا ولم يثبت له أحد، وكانت هند قد أعطت وحشيا عهدا لئن قتلت محمدا أو عليا أو حمزة لأعطينك كذا وكذا، وكان وحشي - عبد الجبير بن مطعم - حبشيا، فقال وحشي: أما محمد فلا أقدر عليه، وأما علي فرأيته حذرا كثير الالتفات فلا مطمع فيه، فكمن لحمزة، قال: فرأيته يهد الناس هدا فمر بي فوطأ على جرف نهر، فسقط، فأخذت حربتي فهززتها ورميتها فوقعت في خاصرته وخرجت من ثنيته (2) فسقط، فأتيته فشققت بطنه فأخذت كبده، وجئت به إلى هند، فقلت: هذه كبد حمزة فأخذتها فلاكتها، فجعلها الله في فمها مثل الداعضة، وهي عظم رأس الركبة، فلفظتها ورمت بها.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): فبعث الله ملكا فحمله ورده إلى موضعه.
قال: فجاءت إليه فقطعت مذاكيره وقطعت اذنيه، وقطعت يده ورجله.
ولم يبق مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا أبو دجانة سماك بن خرشة