فلو كان فاعلا لما سواها لاشتق له منها اسم الفاعل على ما ذكرناه.
واجتمعت الأمة على أنه تعالى لا يستحق الوصف بأنه ظالم ولا كاذب ولا كافر، [و] أن من وصفه بذلك وسماه به كان خارجا " عن الدين وإجماع المسلمين حجة أن ينفي كونه فاعلا لما يوجب هذا الاشتقاق ويقتضيه.
دليل آخر: ومما يدل أيضا " على ذلك وإن كان معناه داخلا فيما تقدم أن الأمة مجمعة على أن الله تعالى يثيب المؤمنين ويعاقب الكافرين، فلولا أن الإيمان والكفر من فعل المؤمن والكافر، لم يحسن الثواب ولا القبيح، لأنه قبيح أن يثاب أو يعاقب أحد.
ألا ترى أن أحدنا لو فعل في عبده فعلا من الأفعال، لما حسن أن يعاقبه عليه ويؤاخذه به، ومن فعل ذلك عد ظالما " سفيها ".
دليل آخر: ويدل على ذلك أنه تعالى لو فعل الظلم والكذب وسائر القبائح، لم يكن ذلك منه قبيحا " على ما يقوله مخالفونا، لأنه لا نأمن أن يقع منه تصديق الكذابين، وإن (1) لم يكن ذلك منه قبيحا "، لأنه لا نأمن أن يفعل بعض القبائح، لما لم نأمن أن يفعل سائرها. وإذا أجزنا منه تعالى البعض، جاز الكل، وهذا يبطل الثقة بصدق الأنبياء عليهم السلام ويقتضي الشك في جميع الشرائع والخروج من دين الإسلام، بل من سائر الأديان.
دليل آخر: ويدل على ما ذكرنا أن القول بأن الله تعالى هو الفاعل للأفعال الظاهرة من العباد، يقتضي أنه لا نعمة له تعالى على الكافر، وإذا لم تكن له عليه نعمة، لم تجب عبادته على الكافر، لأن العبادة كيفية في الشكر فإنما يجب بالنعم العظيمة، ومن لا نعمة له فلا شكر يستحقه ولا عبادة.