وأنه لا فعل للعبد من طاعة ولا معصية ولا خير ولا شر.
والذي يدل على أن العباد يفعلون ويوجدون بخلافه (1) ما ذهب إليه المجبرة أنا وجدنا من الأفعال الظاهرة فيها ما يصح بحسب تصورهم ودواعيهم وأحوالهم ويرتفع بحسب صوارفهم وكراهتهم وأحوالهم.
ألا ترى أن أحدنا [إذا] قصد إلى الأكل وأراد وعزم عليه، وقع منه إذا كان صحيحا " غير ممنوع. وقد يقصد غيره إلى الأكل، فلا يجب أن يأكل هو وكذلك متى جاع واحتاج إلى الطعام وحضر الطعام، أكل إذا كان على ذلك قادرا " غير ممنوع. ولا يجب أن يأكل هو متى جاع غيره، فلولا أنه محدث الأكل وموجده ما تعلق بقصده وداعيه وحاجته، ويجري مجرى أكل غيره، لما لم يكن فاعلا له لم يقصد تصوره وحاجاته.
ولولا أن هذه الأفعال التي أشير إليها أفعالنا، لم يجب أن يقع بحسب حاجاتنا وأحوالنا ويقف على دواعينا، كما لم يجب ذلك في ألواننا وهيأتنا وحركة عروقنا.
ألا ترى أن أحدنا [يريد أن يكون على هيئة، فيجب على خلافها و] (2) يريد أن يكون على هيئة، فيجد نفسه على خلافها. ويريد أن يكون طويلا وهو قصير وشابا " وهو شيخ، وصحيحا " وهو مريض. فلو كان القيام والقعود مثل الطول والهرم والصحة والمرض، لكانت أحكام الجميع واحدة في الحصول بحسب دواعينا [أو خلاف ذلك] (3) فلما اختلف حكم الجميع علمنا اختلاف حكمها في الإضافة إلينا.