فيقال له: لما تضمن قتل هذه النفس أمرين حسنتين ومصلحتين عظيمتين، تناسب كل واحد من أبوي الغلام على الإيمان، وبعدهما من الكفر والطغيان حسن قتله.
فيقول هذا السائل: وإن كان الأمر كذلك فليس ذلك بمدخل للغلام في وجوب قتله، ولا كفر أبويه يلزمه ذنبا "، وقد قال الله تعالى ﴿ولا تزر وازرة وزر أخرى﴾ (١) وقال ﴿ومن كفر فعليه كفره﴾ (٢).
ألا ترون هذا الغلام إذا قال يوم القيامة: بأي ذنب قتلت، لم يكن ذلك ذنبا " قد اكتسبه، وقد كان الله قادرا " على إماتة هذا الغلام، ليكون الغلام بما قضى عليه من منيته داخلا فيما حتمه من الموت على دينه، ويصير الموت لنفسه مرهقا "، ولا يكون بقاؤه بالكفر لأبويه مرهقا "، وليس له بالإماتة أن يقول يوم القيامة رب لم أمتني، وله أن يقول: إني لم قتلت ولا ذنب لي.
ويجئ من هذا أن للسلطان إذا علم أن في قتل من لم يجب قتله مصلحة، لا بل مصالح كثيرة أن يقتله، وإذا علم أيضا " أن مع الإنسان ما لا يرهقه الطغيان والاستعلاء على ما هو دونه، والاستذلال للناس أن يأخذ ماله، لما في ذلك من المصلحة، وليس الأمر كذلك.
فدل هذا على أن الله تعالى فاعل ما يشاء وأراد، وليس لأحد أن يقول: لم لا؟ وكيف؟، ولا يعارض ولا يعجب، قال الله تعالى ﴿حتى إذا ركبا في السفينة خرقها﴾ (٣) وقال ﴿حتى إذا لقيا غلاما " فقتله﴾ (4) وقال (حتى إذا أتيا أهل قرية