والذي عن أبي زيد من الاحتجاج بالآية على غير الوجه الذي ظنه، لأن أبا زيد يحكى عنه أنه حمل قوله تعالى (فطفق مسحا " بالسوق والأعناق) أنه غسل أسوقها وأعناقها بالماء، وقد أوردنا هذه الشبهة عن أبي زيد.
قلنا: إن أكثر المفسرين قالوا: إن المراد غير غسل الأعناق والأسواق. بل قال أكثرهم: إنه أراد مسح يده على أعناقها وأسوقها، كما يفعل الإنسان ذلك فيما يستحسنه من فرش وثوب وغير ذلك، وقال قوم: إنه أراد ضرب أعناقها وسوقها بالسيف، وقال قوم: إنه أراد غسل سوقها وأعناقها. وحمل الآية على ما هو حقيقة من غير توسع ولا تجوز أولى.
وأما التعلق في أن الأرجل مغسولة بالتحديد إلى الكعبين، وإجراؤها مجرى الأيدي في الغسل لأجل التحديد، فهو شئ يتعلق به قديما " الفقهاء وهو ضعيف جدا "، وذلك أن عطف الأرجل في حكم المسح على الرؤوس، لأنه يجب أن يكون ضعيفا " من حيث كانت الأرجل محدودة إلى غاية، والرؤوس ليس كذلك ولا يجب أن يعطف على الأيدي لأنها محدودة، وذلك أن الأيدي بغير شك معطوفة على الوجوه، لها مثل حكمها من الغسل، وإلا جاز أن يعطف محدود من الأرجل على غير محدود من الرؤوس.
والذي نقوله أشبه بتقابل الكلام وترتيبه، لأن الآية تضمنت ذكر عضو مغسول غير محدود ثم عطف عليه من الأيدي عضوا " مغسولا محدودا "، فالمقابلة تقتضي إذا ذكر عضوا " ممسوحا " غير محدود أن يعطف عليه بعض ممسوح محدود بأن يعطف محدودا " من أرجل على غير محدود من الرؤوس، لتتقابل الجملتان الأولى والأخرى، وهذا واضح جدا ".
فأما الكلام الذي طول بإيراده من تسمية الشئ بما يقارنه فهو إذا صح