مجرى الضرب والألم.
والمستحق بالأفعال: مدح، وثواب، وشكر، وذم، وعقاب، وعوض. فأما المدح فهو القول المنبئ عن عظم الممدوح، وأما الثواب فهو النفع المستحق المقارن للتعظيم والاجلال، وأما الشكر فهو الاعتراف بالنعمة مع ضرب من التعظيم، وأما الذم فهو ما أنبأ عن ايضاع المذموم، وأما العقاب فهو الضرر المستحق المقارن للاستخفاف والإهانة، وأما العوض فهو النفع الحسن الخالي من تعظيم وتبجيل، ويستحق بفعل الواجب وما له صفة الندب وبالتحرز من القبيح، ويستحق الثواب بهذه الوجوه الثلاثة إذا اقترنت بها المشقة ويستحق الشكر المنعم والاحسان، فأما العبادة فهي ضرب من الشكر وغاية فيه، فلهذا لم نفردها بالذكر، فأما الذم فيستحق بفعل القبيح وبأن لا يفعل الواجب، وأما العقاب فيستحق بهذين الوجهين معا " بشرط أن يكون للفاعل اختيار ما استحق به ذلك على ما فيه مصلحته ومنفعته.
وإنما قلنا إنه يستحق الذم على الاخلال بالواجب وإنه جهة في استحقاق الذم كالقبح لأن العقلاء يعقلون الذم بذلك كما يعقلونه بالقبيح، ولأنهم يذمونه إذا علموه غير فاعل للواجب عليه وإن لم يعلموا سواه، والمطيع منا يستحق بطاعته الثواب مضافا " إلى المدح، لأنه تعالى كلفه على وجه يشق، فلا بد من المنفعة، ولا تكون هذه المنفعة من جنس العوض، لأن العوض يحسن الابتداء بمثله، ويستحق أحدنا بفعل القبيح والاخلال بالواجب العقاب مضافا " إلى الذم، لأنه تعالى أوجب عليه الفعل وجعله شاقا "، والايجاب لا يحسن لمجرد النفع فلا بد من استحقاق ضرر على تركه، ولا دليل في العقل على دوام الثواب والعقاب وأنما المرجع في ذلك إلى السمع، والعقاب