يحسن التفضل بإسقاطه ويسقط بالعفو لأنه حق الله تعالى إليه قبضه واستيفاؤه، ويتعلق باستيفائه ضرر فأشبه الدين.
ولا تحابط بين مجراه وقبول التوبة، وإسقاط العقاب عندها تفضل من الله تعالى، والوجه الذي ذكرناه من فقد التنافي.
ومن جمع بين طاعة ومعصية اجتمع له استحقاق المدح والثواب بالطاعة والذم والعقاب بالمعصية، وفعل ذلك به على الوجه الذي يمكن.
وعقاب الكفار مقطوع عليه بالاجماع، وعقاب فساق أهل الصلاة غير مقطوع عليه، لأن العقل يجيز العفو عنهم ولم يرد سمع قاطع بعقابهم. وما يدعي من آيات الوعيد وعمومها مقدوح فيه بأن العموم لا ينفرد بصيغة خاصة في اللغة، ولأن آيات الوعيد مشروطة بالثابت ومن زاد ثوابه عندهم، وما أوجب هذين الشرطين بوجب اشتراط من تفضل الله تعالى بالعفو عنه. وهذه الآيات أيضا " معارضة بعموم آيات أخرى، مثل قوله تعالى: ﴿ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء﴾ (١) ﴿وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم﴾ (2) و (إن الله يغفر الذنوب جميعا "). (3) وشفاعة النبي صلى الله عليه وآله إنما هي في إسقاط عقاب العاصي لا في زيادة المنافع، لأن حقيقة الشفاعة تختص بذلك من جهة أنها لو اشتركت لكنا شافعين في النبي صلى الله عليه وآله إذا سألنا في زيادة درجاته ومنازله.
وإذا بطل التحابط فلا بد فيمن كان مؤمنا " في باطنه من أن يوافي بالايمان، وإلا أدى إلى تعذر استيفاء حقه من الثواب.