والوجه في ذلك: أنه لو لم يكن لذلك مستحقا " لم يكن الانتصاف منه ممكنا " مع وجوب الانتصاف، بخلاف ما قال أبو هاشم، (1)، فإنه أجاز أن يكون ممن لا يخرج من الدنيا إلا وقد استحق ذلك، وقد كلف الله تعالى من أكمل عقله النظر في طريق معرفته.
ثم وهذا الواجب أول الواجبات على العاقل، لأن جميعها عند السائل يجب تأخيره أو يجوز ذلك فيه.
ووجه وجوب هذا النظر: وجوب المعرفة التي يؤدي إليها. ووجه وجوب المعرفة: أن العلم باستحقاق الثواب والعقاب الذي هو لطف في فعل الواجب العقلي لا يتم إلا بحصول هذه المعرفة، وما لا يتم الواجب إلا به واجب.
والنظر هو الفكر، ويعلمه أحدنا من نفسه ضرورة، وإنما يجب على هذا النظر إذا خاف من تركه وإهماله، وإنما يخاف الضرر بالتخويف من العباد إذا كان ناشئا " بينهم، أو بأن يبتدئ في الفكر في أمارة الخوف من ترك النظر، أو بأن يخطر الله تعالى بباله ما يدعوه إلى النظر ويخوفه من الاهمال. والأولى في الخاطر أن يكون كاملا خفيا " يسميه وإن لم يميزه، والنظر في الدليل على الوجه الذي يدل سبب تولد العلم، لأنه يحدث بحسبه فجرى في أنه مولود