مع الرواية الظاهرة أن ولد الزنا في النار. وأنه لا يكون قط من أهل الجنة (1).
الجواب: هذه الرواية موجودة في كتب (2) أصحابنا، إلا أنه غير مقطوع بها.
ووجهها إن صحت: أن كل ولد زنية لا بد أن يكون في علم الله تعالى أنه يختار الكفر ويموت عليه وأنه لا يختار الإيمان. وليس كونه من ولد الزنية ذنبا " يؤاخذ به، فإن ذلك ليس ذنبا " في نفسه وإنما الذنب لأبويه، ولكنه إنما يعاقب بأفعاله الذميمة القبيحة التي علم الله أنه يختارها ويصير كذا، وكونه ولد زنا علامة على وقوع ما يستحق من العقاب، وأنه من أهل النار بتلك الأعمال، لا لأنه مولود من زنا.
ولم يبق إلا أن يقال: كيف يصح تكليف ولد الزنا مع علمه وقطعه على أنه من أهل النار، وأنه لا ينتفع تكليفه ولا يختار إلا ما يستحق به العقاب.
قلنا: ليس نقطع ولد الزنا أنه كذلك لا محالة، وإن كان هناك ظن على ظاهر الأمر، وإذا لم يكن قاطعا " على ذلك لم يقبح التكليف.
فإن قيل: فنحن نرى كثيرا " من أولاد الزنا يصلون ويقومون بالعبادات أحسن قيام، فكيف لا يستحقون الثواب.
قلنا: ليس الاعتبار في هذا الباب في ذلك بظواهر الأمور، فربما كانت تلك الأفعال منه رياءا " وسمعة، وواقعا " على وجه لا يقتضي استحقاق الثواب.
وربما كان الذي يظن أنه الظاهر ولد الزنا مولدا " عن عقد صحيح، وإن كان الظاهر بخلافه، فيجوز أن يكون هذا الظاهر منه من الطاعات موافقا " للباطن.