جميع الأحوال بل المعصية مع الايمان ومعرفة الله تعالى أقبح وأفحش منها مع الكفر والجحود ولا توجد حالة لا يقبح معها المعصية إلا حالة تخرج معها المعصية عن كونها معصية كحالة الغفلة والاكراه ونظايرهما مما ورد في الشريعة والكفر حالة خبيثة توجد عدم الانتفاع معها من الحسنات باستحقاق الأجر والثواب الأخروي وإن استحق بها نوع تخفيف في العذاب الموعود أو منفعة وتمتع في عالم الشهود بل تنفك مع الكفر الحسنة عن حسنها الموجب للاجر والثواب الأخروي والايمان بخلافه يحسن الطاعات ويوجب الانتفاع بها والاجر عليها في الآخرة ولا يلزم من ذلك خلاف عدل أو زيادة مرتبة للكفر لا يقال أن الكفر لكونه ظلما عظيما يوجب الحرمان من الثواب والخلود في النيران والعذاب فلا بد من أن يكون ضده وهو الايمان خيرا محضا موجبا للبعد عن العقاب ولدوام الجنة والثواب لأنا نقول أصل الايمان خير محض موجب للتخلص من النيران ولخلود الجنان وأما أنه يجب أن يكون سببا لرفع قبح المعصية الطارية أو لسقوط جزائها فمما لا دليل عليه ولا يلزم مما ذكره إذ لا يلزم من كون الكفر موجبا لحط مرتبة الحسنة ونقص حسنها أن يكون الايمان الذي هو ضد له سببا لحط مرتبه المعصية وتقليل قبحها وليس ذلك من مقتضيات التضاد أصلا بل الاتيان بالمعصية مع الايمان أقبح وأفحش كما يحكم به العقل السليم ويظهر من الشرع القويم فأن قلت ما تقول فيما ورد في الخبر من أن حب علي حسنة لا يضر معها سيئة قلت يمكن تنزيل الضرر المنفى على الضرر الحقيقي الكامل الذي هو الخلود في النار أعاذنا الله تعالى منها بفضله الكامل ولطفه الشامل فإن حب على (عليه السلام) كمال الايمان وتام الدين كما قال عز من قايل اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ومع كمال الايمان وتمامه بشرط الموافاة عليه لا يكون الخلود في النار فإن عذاب صاحب الكبيرة منقطع وكذلك بعضه وعدوانه (عليه السلام) كفر موجب للخلود في العذاب و دوام العقاب فلا تنفع معه حسنة نفع النجاة والتخلص من النار ويحتمل أيضا أن يكون خلوص حبه سببا لان يغفر الله بفضله بعض الذنوب ولأن يعصم ويحفظ عن الاتيان بالبعض وأيضا يمكن أن يكون حبه باعثا على شفاعته التي لا ترد والعثمانية طايفة من النواصب يفرطون في محبة عثمان بن عفان والقدرية قد يطلق على المفوضة وهم فرقة من المعتزلة يزعمون أن الله تعالى قدر عباده على أعمالهم على وجه الاستقلال بحيث أخرجهم ذلك عن ربقة الانقياد له وأبطل تصرفه في تلك الأعمال حتى لا يكون لقضائه وقدرته وإرادته وتدبيره مدخل فيها كأقدار سلطان منا أحدا من عباده على بلدة من بلاده بحيث يخرج التصرف في أموره بعده عن يد ذلك السلطان وعن تحت حكمه وتدبيره وقد يطلق أيضا على الجبرية وهم الذين يعتقدون أن لا مدخل للعباد في أفعالهم سوى المحلية وإن الله تعالى يفعل الفعل ويجريه على أيديهم وقول الأشاعرة بالقدرة الكاسبة قريب من ذلك ويرجع عند التحقيق إليه وما روى أنه (عليه السلام) قال القدرية مجوس هذه الأمة ينطبق على التفسيرين أما المفوضة فمشاركتهم للمجوس واضحة باعتبار إثبات مؤثر مستقل غير الله سبحانه لا قدرة له تعالى على ما فعله وأما الجبرية فوجه مناسبتهم للمجوس أنهم يعتقدون أن ليس للعباد فعل أصلا كما يعتقد المجوس فإنهم يثبتون مبدئين يعبرون عنها بالنور والظلمة ويسمونها يزدان واهرمن وينسبون جميع الخيرات إلى الأول وجميع الشرور إلى الثاني ومنها صحيحة يزيد بن معاوية العجلي قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل حج وهو لا يعرف هذا الامر ثم من الله عليه بمعرفته والدنيوية به عليه حجة الاسلام أو قد قضى فريضة فقال قد قضى فريضة ولو حج لكان أحب إلى قال وسألته عن رجل وهو في بعض هذه الأصناف من أهل القبلة ناصب متدين ثم من الله عليه فعرف هذا الامر يقضى حجة الاسلام فقال يقضى أحب إلى و قال كل عمل عمله وهو في حال نصبه وضلالته ثم من الله عليه وعرفه الولاية فإنه يؤجر عليه إلا الزكاة فإنه يعيدها لأنه وضعها في غير موضعها لأنها لأهل الولاية وأما الصلاة والحج والصيام فليس عليه قضاء ومنها حسنة ابن أذينة بن إبراهيم قال كتب إلى أبو عبد الله (عليه السلام) إن كل عمل عمله الناصب في حال ضلاله أو حال نصبه ثم من الله عليه وعرفه هذا الامر فإنه يؤجر عليه ويكتب له إلا الزكاة فإنه يعيدها لأنه وضعها في غير موضعها وإنما موضعها أهل الولاية وأما الصلاة والصوم فليس عليه قضاؤهما ومنها رواية على بن إسماعيل الميثمي عن محمد بن حكيم قال كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ دخل عليه كوفيان كانا زيديين فقالا جعلنا لك الفداء كنا نقول بقول وإن الله من علينا بولايتك فهل يقبل شئ من أعمالنا فقال أما الصلاة والصوم والحج والصدقة فإن الله يتبعكما ذلك فيلحق بكما وأما الزكاة فلا لأنكما أبعدتما حق امرء مسلم أعطيتماه غيره وقد ورد أخبار أخر تدل على أن المستبصر يعيد الحج كما ذهب إليه ابن الجنيد وابن البراج لكن في سندها قصور ويحمل على الاستحباب بقرينة صحيحة يزيد كما قاله الشيخ في التهذيب ويمكن حملها على الاخلال بالركن أيضا وما حملها على الناصب كما احتمل العلامة في المختلف فلا يحصل به الجمع لان صحيحة يزيد ظاهره في أن الناصب المصطلح لا يعيد حيث سئل أولا عن حال الرجل المخالف الذي لا يعرف أمر الولاية ثم سئل ثانيا
(٣٩١)