فأشار البخاري بهذه الترجمة إلى أن المراد بقوله في حديث ابن عمر وإلا فقد عتق منه ما عتق أي وإلا فإن كان المعتق لا مال له يبلغ قيمة بقية العبد فقد تنجز عتق الجزء الذي كان يملكه وبقي الجزء الذي لشريكه على ما كان عليه أولا إلى أن يستسعي العبد في تحصيل القدر الذي يخلص به باقيه من الرق إن قوي على ذلك، فإن عجزت نفسه استمر حصة الشريك موقوفة، وهو مصير من البخاري إلى القول بصحة الحديثين. جميعا والحكم برفع الزيادتين معا وهما قوله في حديث ابن عمر وإلا فقد عتق منه ما عتق، وقوله في حديث أبي هريرة فاستسعي به غير مشقوق عليه. قاله الحافظ في الفتح.
وأما الطحاوي فإنه أخرج أولا حديث ابن عمر ثم قال فثبت أن ما رواه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك إنما هو في الموسر خاصة فأردنا أن ننظر في حكم عتاق المعسر كيف هو فقال قائلون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلا فقد عتق منه ما عتق دليل أن ما بقي من العبد لم يدخله عتاق فهو رقيق للذي لم يعتق على حاله وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا بل يسعى العبد في نصف قيمته للذي لم يعتقه، وكان من الحجة لهم في ذلك أن أبا هريرة رضي الله عنه قد روى ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه ابن عمر وزاد عليه شيئا بين به كيف حكم ما بقي من العبد بعد نصيب المعتق ثم ساق حديث أبي هريرة وقال بعد ذلك فكان هذا الحديث فيه ما في حديث ابن عمر وفيه وجوب السعاية على العبد إذا كان معتقه معسرا، ثم روى حديث أبي المليح عن أبيه وقال بعد ذلك: فدل قول النبي صلى الله عليه وسلم ليس لله شريك على أن العتاق إذا وجب ببعض العبد لله انتفي أن يكون لغيره على بقيته ملك، فثبت بذلك أن إعتاق الموسر والمعسر جميعا يبرئان العبد من الرق، فقد وافق حديث أبي المليح أيضا حديث أبي هريرة، وزاد حديث أبي هريرة على حديث أبي المليح وعلى حديث ابن عمر وجوب السعاية للشريك الذي لم يعتق إذا كان المعتق معسرا. فتصحيح هذه الآثار يوجب العمل بذلك ويوجب الضمان على المعتق الموسر لشريكه الذي لم يعتق ولا يوجب الضمان على المعتق المعسر، ولكن العبد يسعى في ذلك للشريك الذي لم يعتق. وهذا قول أبي يوسف ومحمد وبه نأخذ انتهى.
وفي فتح الباري: وعمدة من ضعف حديث الاستسعاء في حديث ابن عمر قوله وإلا فقد عتق منه ما عتق، وقد تقدم أنه في حق المعسر وأن المفهوم من ذلك أن الجزء الذي لشريك المعتق باق على حكمه الأول وليس فيه التصريح بأن يستمر رقيقا ولا فيه التصريح بأنه يعتق كله.
فللذي صحح رفع الاستسعاء أن يقول معنى الحديثين أن المعسر إذا أعتق حصته لم يسر