القرآن وأشكله. وقال السخاوي: ولم أر أحدا من العلماء تخلص كلامه فيها من أولها إلى آخرها انتهى.
وقال القرطبي: ما ذكره مكي ذكره أبو جعفر النحاس قبله أيضا. وقال التفتازاني في حاشيته على الكشاف: واتفقوا على أنها أصعب ما في القرآن إعرابا ونظما وحكما والله أعلم.
(إذا حضر أحدكم الموت) ظرف للشهادة وحضوره ظهور أمارته يعني إذا قارب وقت حضور الموت (الآية) وتمام الآية مع تفسيرها هكذا (حين الوصية) بدل من الظرف، وفيه دليل على أن الوصية مما لا ينبغي التساهل فيها (اثنان) خبر شهادة أي شهادة بينكم شهادة اثنين. قال الخازن: لفظه خبر ومعناه الأمر يعني ليشهد اثنان منكم عند حضور الموت وأردتم الوصية (ذوا عدل منكم) من المسلمين، وقيل من أقاربكم، وهما أي ذوا عدل ومنكم صفتان لاثنان يعني من أهل دينكم وملتكم يا معشر المؤمنين.
واختلفوا في هذين الاثنين، فقيل هما الشاهدان اللذان يشهدان على وصية الموصي، وقيل هما الوصيان لأن الآية نزلت فيهما، ولأنه قال تعالى فيقسمان بالله والشاهد لا يلزمه يمين، وجعل الوصي اثنين تأكيدا، فعلى هذا تكون الشهادة بمعنى الحضور كقولك شهدت وصية فلان بمعنى حضرت (أو آخران) عطف على اثنان (من غيركم) يعني من غير أهل دينكم، فالضمير في منكم للمسلمين والمراد بقوله غيركم الكفار وهو الأنسب بسياق الآية، وهذا قول ابن عباس وأبي موسى الأشعري وسعيد بن المسيب وابن جبير والنخعي والشعبي وابن سيرين ويحيى بن يعمر وأبي مجلز وعبيدة السلماني ومجاهد وقتادة، وبه قال الثوري وأبو عبيد وأحمد بن حنبل قالوا إذا لم يجد مسلمين يشهدان على وصيته وهو في أرض غربة فليشهد كافرين أو ذميين أو من أي دين كانا، لأن هذا موضع ضرورة.
قال شريح: من كان بأرض غربة لم يجد مسلما يشهد وصيته فليشهد كافرين على أي دين كانا من أهل الكتاب أو من عبدة الأصنام فشهادتهم جائزة في هذا الموضع، ولا تجوز شهادة كافر على مسلم بحال إلا على وصيته في سفر لا يجد فيه مسلما.
وقال قوم في قوله: (ذوا عدل منكم) يعني من عشيرتكم وحيكم أو آخران من غيركم من غير عشيرتكم وحيكم وأن الآية كلها في المسلمين، هذا قول الحسن والزهري وعكرمة وقالوا لا تجوز شهادة كافر في شئ من الأحكام وهذا مذهب الشافعي ومالك وأبي حنيفة، غير أن أبا حنيفة أجاز شهادة أهل الذمة فيما بينهم بعضهم على بعض.