لأن تأخير المعطوف وإيقاع الفصل يدل على أصالة الأولى وتبعية الثانية كقوله تعالى وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل أوقع الفصل ليدل على أن إسماعيل تابع له في الرفع ولو عطف من غير فصل أوهم الشركة (أقبل ابن أم مكتوم) وهو الذي نزل فيه أن جاءه الأعمى (فدخل عليه) أي على رسول الله صلى الله عليه وسلم (أفعمياوان) تثنية عمياء تأنيث أعمى (ألستما تبصرانه) قيل فيه تحريم نظر المرأة إلى الأجنبي مطلقا وبعض خصه بحال خوف الفتنة عليها جمعا بينه وبين قول عائشة كنت أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون بحرابهم في المسجد ومن أطلق التحريم قال ذلك قبل آية الحجاب والأصح أنه يجوز نظر المرأة إلى الرجل فيما فوق السرة وتحت الركبة بلا شهوة وهذا الحديث محمول على الورع والتقوى قال السيوطي رحمه الله كان النظر إلى الحبشة عام قدومهم سنة سبع ولعائشة يومئذ ست عشرة سنة وذلك بعد الحجاب فيستدل به على جواز نظر المرأة إلى الرجل انتهى وبدليل أنهن كن يحضرن الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ولا بد أن يقع نظرهن إلى الرجال فلو لم يجز لم يؤمرن بحضور المسجد والمصلى ولأنه أمرت النساء بالحجاب عن الرجال ولم يؤمر الرجال بالحجاب كذا في المرقاة وقال أبو داود في سننه بعد رواية حديث أم سلمة هذا ما لفظه هذا لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة ألا ترى إلى اعتداد فاطمة بنت قيس عند ابن أم مكثوم قد قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس اعتدى عند ابن أم مكثوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده انتهى وقال الحافظ في التلخيص هذا جمع حسن وبه جمع المنذري في حواشيه واستحسنه شيخنا انتهى وقال في الفتح الأمر بالاحتجاب من ابن مكثوم لعلمه لكون الأعمى مظنة أن ينكشف منه شئ ولا يشعر به فلا يستلزم عدم جواز النظر مطلقا قال ويؤيد الجواز استمرار العمل على جواز خروج النساء إلى المساجد والأسواق والأسفار منتقبات لئلا يراهن الرجال ولم يؤمر الرجال قط بالانتقاب لئلا يراهم النساء فدل على مغايرة الحكم بين الطائفتين قوله (هذا حديث حسن صحيح) قال الحافظ في الفتح بعد ذكر هذا الحديث أخرجه أصحاب السنن من رواية الزهري عن نبهان مولى أم سلمة عنها وإسناده قوي وأكثر ما علل به
(٥١)