والطلاق والخلع وأحكامها أي أوامر الله ونواهيه " فلا تعتدوها " فلا تجاوزوها بالمخالفة والعمل بخلافها " ومن يتعد حدود الله " فإن من يتجاوزها " فأولئك هم الظالمون " أي يظلمون أنفسهم بأن يوقعوها في العذاب الشديد من الله تعالى في الآخرة بل في الدنيا أيضا بالحبس والتعزير والحدود، إذا كان مما يوجبها.
ثم اعلم أن صريح الآية عدم أخذ شئ من مهورهن بل جميع ما أعطين من المهر والنفقة والعطايا، فدلت على لزوم الهبة للزوجة، وعدم استرجاع الثياب التي أعطوها للكسوة، وإن بقيت جددا وطلقن، إلا عوض الخلع فتأمل.
ثم إن ظاهرها يفيد جواز الأخذ بحصول خوف عدم إقامة الحدود من الجانبين فيكون التباغض من الجانبين، وليس ذلك بشرط في الخلع بل في المباراة إلا أن تحمل على أنه يخاف الزوج من أنها لو خرجت عن موجبات الزوجية والشرع يخرج هو أيضا ولكن ذلك أيضا غير شرط في الخلع عند الأصحاب كما هو المذكور في محله، بل الشرط ظهور بغض الزوجة فقط، مثل أن تقول لا أغتسل لك من جنابة أو لأدخلن على فراشك من تكرهه، وأمثاله فتحمل حينئذ على المبارات لا الخلع.
ثم إن ظاهرها عدم إثم المرأة أيضا مع أنها آثمة لو لم يكن من جانب الزوج ما يوجب بغضها من الاخلال بلوازم الزوجية، ويمكن أن يقال إنما نفي الإثم في إعطاء المهر لتخليص نفسها من الإثم، وهو لا يستلزم عدم تحريم إظهار الكراهة والخروج عن لوازم الزوجية، وجواز التكلم بمثل ما مر، وذلك الاعطاء أيضا مشروط بخوفها وظنها أنها ما تقدر على ضبط نفسها فتخرج عن الشرع فلا يبعد الجواز حينئذ بل الوجوب تخييرا إما الترك أو الاعطاء والخلاص من الذنب ولما عرفت من نفسها عدم الأول تعين الثاني، بل لا يبعد جواز إعطاء المال لاخراج النفس عن المشقة لها بالمعاشرة، لأنه غير موافق لها طبعا وعرفا وإن كان موافقا لها شرعا، فيكون اخراج المال في فراغة النفس ولذتها وتخليصها عن الكراهة جايزا.