وقيل: على عدم جواز أخذ الحر الأمة بالعقد مع القدرة على الحرة، كأنه بمفهوم الشرط الذي ثبت حجيته وفيه تأمل، لاحتمال أن يكون المراد المعنى الثاني ولعدم صراحته في الشرط لأنه متضمن له، والمفهوم قد يكون معتبرا إذا كان صريحا ولهذا قيد في بعض عبارة الأصوليين بمفهوم " إن " ولأن المفهوم إنما هو حجة إذا لم يظهر للقيد فائدة غير نفي الحكم عن المسكوت، كما بين في موضعه من الأصول وهنا وجه ظاهر، وهو الترغيب والتحريص على النكاح وعدم الترك بوجه ولو كان بأمة، وإفادة أن الحرة أولى، فلا يترك إلى غيرها مهما أمكن وهو ظاهر.
فالمعنى إن أمكن الفرد الأعلى والأفضل وهو نكاح المسلمة الحرة فهو مقدم عقلا وشرعا على تقدير القدرة وإلا فالفرد الضعيف الغير الأولى وهو نكاح الإماء وهو جار في مفهوم الصفة المذكورة أيضا وأيضا سوق الآية مشعر بأن ليس المقصود ذلك فإن الظاهر أن المقصود من الآية هو الارشاد، لا الترتيب في الحكم والأمر والنهي، ولهذا ما حملت على تعين النكاح الحرة المسلمة مع القدرة، وتعين الأمة على تقدير العدم وأيضا لا شكل في عموم " من " للحر والعبد، وأنه يجوز نكاح الأمة للعبد مع القدرة على الحرة بغير خلاف على الظاهر، ولو كان المفهوم هنا حجة لزم عدم الجواز له أيضا فتأمل.
وبالجملة هذا المفهوم لا يعارض عموم أدلة الجواز مثل " أحل لكم ما وراء ذلكم " فلا يخرج عنه إلا بدليل أقوى أو مثله، ويؤيده " والله أعلم بايمانكم " يعني ما أنتم مكلفون إلا بظاهر الحال، فكل من يظهر الايمان فهو مؤمن ومؤمنة عندكم واحكموا به فنكاحهما جائز، ولستم مؤاخذين بما في نفس الأمر فإن ذلك لا يعلمه إلا الله، فلا يمكن تكليفكم به، " بعضكم من بعض " أي كل منكم من ولد آدم فلا تابوا نكاح الإماء فإن المدار على الجنسية والايمان، وأنتم لا تفاضل بينكم إلا بالايمان وهو أمر غير معلوم إلا لله.
ويؤيد الجواز أيضا بقوله " فانكحوهن بإذن أهلهن " أي تزوجوا من الفتيات المؤمنات بإذن أهلهن وأمر ساداتهن، وفيها دلالة على عدم جواز العقد على الأمة