عند الله وأقوم للشهادة " أثبت وأعون على إقامتها، قال القاضي: وهما مبنيان من أقسط وأقام على غير قياس، أو من قاسط بمعنى ذي قسط وقويم، فيدل على حجيتها في الجملة على ما مر فتأمل. إنما قال بمعنى " ذي قسط " أي صار ذا عدالة مثل تأمر ولابن، بمعنى ذا تمر وذا لبن لأن قاسطا قد يكون بمعنى جائر " وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا " (1) ولهذا جعله أولا من أقسط، فكأنه بمعنى أعدل ولعل الهمزة للإزالة كشكى وأشكى، وعلى هذا القياس أقوم، وكونه من أقام لا من قام، ويحتمل كونه من قويم بمعنى ثابت، فيكون بمعنى أثبت فتأمل في عبارته ولعل وجه كونه على غير قياس عدم مجئ أفعل من المزيد فيه، فيقال أشد أقساطا وإقامة.
وفيه أن ذلك ليس بمتفق عليه، فإن سيبويه يجوز ذلك من باب الأفعال خاصة، صرح به المحقق الرضي في شرح الكافية، حيث قال: وعند سيبويه هو قياس عن أفعل، مع كونه ذا زيادة، ويؤيده كثرة السماع كقولهم هو أعطاهم للدينار، وأولاهم بالمعروف، وأنت أكرم لي من فلان، وقلة التغير لأنك تحذف منه الهمزة وترده إلى الثلاثي ثم تبني منه أفعل الخ وأشار إليه في الكشاف أيضا حيث قال: فإن قلت مم بني فعلا التفضيل أعني أقسط وأقوم؟ قلت: يجوز على مذهب سيبويه أن يكونا مبنيين من أقسط وأقام، وأن يكون أقسط من قاسط على طريقة النسب بمعنى ذي قسط وأقوم من قويم. فإن صح عدم صحة مجيئها من قسط وقام ويحتاج إلى التكلف الذي ذكراه بقولهما بمعنى الخ تكون الآية دليلا على مذهب سيبويه، وهو ظاهر، وأيضا وجود غير القياس في القرآن العزيز غير معقول.
" وأدنى أن لا ترتابوا " أو وأقرب في أن لا تشكوا أنتم والشهود في جنس الدين وقدره، وحلول أجله، وهذه كلها تأكيدا للكتابة، وبيان فائدتها " إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها " والتجارة