جميع البيوع إذ المتبادر منه العموم عرفا كما قالوا. والبيع ظاهر معروف في الكتب الفقهية وغيرها وأما الربا فنقل أنه في اللغة بمعنى الزيادة، ومعلوم أنه ليس بمراد هنا، فقيل المراد به الزيادة في البيع، بل البيع المشتمل عليها، ولهذا قيل في التفاسير أن معنى قوله " إنما البيع مثل الربا " أن البيع الحالي من الربا مثل المشتمل عليه، فعلى هذا يكون تحريم الربا مخصوصا بالبيع، ولا يكون في سائر المعاملات، مثل الصلح على تقدير كونه عقدا برأسه كما هو مذهب بعض الأصحاب ويدل عليه أيضا الأصل وعموم الإيفاء بالعقود، مع عدم ثبوت دليل عليه في سائر المعاملات ووجود الاجماع في البيع دون غيره.
وقيل هي الزيادة في مطلق المعاملات، وهو مذهب الأكثر، فالظاهر عدم جواز الزيادة حينئذ في الهبة المعوضة أيضا فتأمل، ودليله أنه الزيادة مطلقا، و خرج منها ما يجوز إجماعا وبقي غيره تحتها، والظاهر أنه لا شك أنه ليس في الآية بالمعنى اللغوي، والشرعي غير ثابت، ولكن الاحتياط واحتمال الآية كون المراد به الزيادة في المعاملة مطلقا بل المعاملة المشتملة عليها، يقتضي مذهب الأكثر، و تخصيصها بالبيع خلاف مذهب الأكثر وأيضا علة تحريم المومى إليها في الأخبار وهي عدم تفويت اصطناع المعروف بالقرض الحسن ورفد المؤمنين يشمل جميع المعاملات فلا يؤخذ الربا لتحريمه في كلها، بخلاف ما إذا خصص بالبيع، ويؤخذ بوجه آخر، مثل الصلح، وإن كان باب الحيلة على ذلك التقدير أيضا مفتوحا، على ما ذكروه، ولكنه حيلة لا تخلو عن شبهة.
ثم عمموا الزيادة من العيني والحكمي مثل الزيادة في الأجل وعمل صنعة وغيرها، وأيضا حصروه في أشياء مخصوصة بإجماع ونحوه حتى قالوا: إن الذي يجري فيه الربا إجماعا هو ستة أشياء: الحنطة، والشعير، والتمر، والملح، و الذهب، والفضة، والأصحاب قالوا يشترط أن يكونا متجانسين مما يكال أو يوزن وفي المعدود خلاف، وكذا في غير المكيل والموزون إذا بيع نسيئة خلاف، وكذا في غير المتجانسين نسيئة.