وبالجملة ينبغي العمل بالعمومات غير ما استثني ويؤيده التأكيد في حال الاطعام في قوله تعالى: " ولا يحض على طعام المسكين " (1) فإن ترك الترغيب والتحريص والحض على إطعامهم جعل قرين عدم الايمان بالله، والموجب لدخول الجحيم، والكون في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا، وعدم صديق وحميم له، وعدم طعام إلا من غسلين، الذي لا يأكله إلا الخاطئون المذنبون، فكيف تارك فعله فلا ينبغي ترك إطعام مسكين إن قدر خصوصا إذا سأل والله الموفق.
ومن أعظم المرغبات في الاطعام ما فعله أمير المؤمنين عليه السلام ونزل بذلك سورة هل أتى قال في الكشاف وروي عن ابن عباس أن الحسن والحسين مرضا فعادهما رسول الله صلى الله عليه وآله في ناس معه فقالوا: يا أبا الحسن لو نذرت على ولدك، فنذر علي و فاطمة وفضة جارية لهما إن برءا مما بهما أن يصوموا ثلاثة أيام فشفيا وما معهم شئ فاستقرض علي عليه السلام من شمعون اليهودي الخيبري ثلاثة أصوع من شعير فطحنت فاطمة صاعا وأخبزت خمسة أقراص على عددهم، فوضعوها بين أيديهم ليفطروا فوقف عليهم سائل فقال: السلام عليكم أهل بيت محمد، مسكين من مساكين المسلمين أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة فأثروه وباتوا لم يذوقوا إلا الماء وأصبحوا صياما، فلما أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم فأثروه، ووقف عليهم أسير في الثالثة ففعلوا مثل ذلك فلما أصبحوا أخذ علي بيد الحسن والحسين رضي الله عنهما فأقبلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فلما أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع قال ما أشد ما يسوؤني ما أرى بكم، وقام فانطلق معهم، فرأى فاطمة في محرابها قد التصق ظهرها ببطنها، وغارت عيناها فساءه ذلك فنزل جبرئيل عليه السلام وقال: خذها يا محمد هناك الله في أهل بيتك فأقرأه السورة:
وهذه صريحة مع الشهرة العظيمة بين الخاصة والعامة في كونها مدنية، و مع ذلك كتب مكية في بعض المواضع، حتى عنوان السورة في الكشاف والقاضي ونقل الشيخ أبو علي الطبرسي قدس الله روحه الشريفة الروايات عن ابن عباس