ومنه يعلم أن مذهبه نجاسة المشركين نجاسة عينية كما هو الظاهر المتبادر لغة وعرفا، فيجب الحمل عليه، وهو مذهب الإمامية وابن عباس حيث نقل الكشاف والبيضاوي أنه قال أعيانهم نجسة كالكلاب والخنازير، وعن الحسن أنه قال: من صافح مشركا توضأ أي غسل يده فحمل الآية على أنهم ذو نجاسة لأن معهم الشرك الذي هو بمنزلة النجس، أو لأنهم لا يتطهرون ولا يغتسلون ولا يجتنبون النجاسات كما فعله صاحب الكشاف والبيضاوي بعيد من جهة جعلهما [النجس] ظ بمعنى ذي النجاسة وجعل الشرك بمنزلته مع عدم ظهور ذلك أيضا وإخراج القرآن عن الظاهر بغير دليل وهو غير جائز عقلا ونقلا.
وزاد القاضي بعد قوله فهم ملابسون لها غالبا قوله: وفيه دليل على أن ما الغالب فيه النجاسة نجس (1) وأنت تعلم أن عدم التطهير والاجتناب غالبا لا يستلزم نجاستهم حقيقة، نعم يظن كونهم ذوي نجاسة، والأصل في الأشياء الطهارة ما لم يعلم أنه نجس، فالحكم بالنجاسة حقيقة لا معنى له حينئذ: فكأنه على وجه المجاز و حينئذ لا دليل فيه إذ لا يلزم من تسميتهم بالنجاسة مبالغة للغلبة، كونهم [ذوي] نجاسة حقيقة فضلا عن نجاسة غيرهم مما الغالب فيه ذلك، بل لا يلزم صحة إطلاقها عليه مجازا لعدم اطراد المجاز نعم لو قيل بالنجاسة حقيقة وعلم أن لا دليل لها إلا الغلبة وقيل بصحة القياس قيل بنجاسة ما الغالب فيه أيضا للقياس، ولكن لا شك في أنها مرتبة خاصة من الغلبة، فمن غلبتها لنجاستهم لا يعلم كون كل غلبة كذلك إذ قد يكون مرتبة منها علة ولا يكون ما دونها كذلك، وأيضا يلزمه كون المسلم الغالب نجاسة بدنه نجسا فلا يعذر قائله (2) ويجب اجتنابه. وليس كذلك.
ثم إن الظاهر من المشرك هو الذي أثبت للواجب شريكا، فهو غير الموحد فلا يدخل الموحد الكتابي ويحتمل أن يجعل الجميع مشركا لقوله تعالى " عزير ابن الله والمسيح ابن الله " إلى قوله " تعالى عما يشركون (3) " وقد استدل به