زبدة البيان - المحقق الأردبيلي - الصفحة ٣٤
يقبل الحمل على الاستحباب، للجمع بين الأدلة، كما يفهم أنه فعله محمد حيث قال:
وقد جاء أرخص.
" ولا تقربوهن " تأكيد للاعتزال، وبيان لغايته، وهو مؤيد للمعنى الأول إذ الظاهر من مقاربة النساء هو ذلك. وأما الغاية فقراءة التخفيف يدل على أنه انقطاع الدم كما هو مذهب أكثر الأصحاب ويدل عليه بعض الروايات والجمع بين الروايات والقراءات، إذ تحمل قراءة التشديد وبعض الروايات الأخر على عدم الرجحان المطلق إلى حين الغسل: التحريم قبل الانقطاع والكراهية بعده إلى حين الغسل، وقراءة التشديد يدل على أنها إما الغسل أو الوضوء أو غسل الفرج بعد الانقطاع.
والأول مذهب الشافعي ومنسوب إلى بعض الأصحاب وهو ابن بابويه والظاهر أنه ليس كذلك (1) ولا بد له من حمل قراءة التخفيف أيضا على الغسل للجمع بين القراءتين، حتى يصح هذا، وقال في الكشاف وذهب الشافعي إلى أنه لا يقربها حتى تطهر وتطهر فيجمع بين الأمرين وهو قول واضح، ويعضده " فإذا تطهرن ". كأنه يريد ذلك وإلا فغير واضح إذ بين غاية التخفيف والتشديد منافاة ولا يمكن الجمع إلا على ما قلنا وأشار إليه القاضي وكأن في مجيئه كذلك مناقشة سهلة.
والثاني مختار صاحب مجمع البيان، حيث قال: واختلف فيه أي في غاية تحريم الوطي فمنهم من جعل الغاية انقطاع الدم، ومنهم من قال إذا توضأت أو غسلت فرجها حل وطيها عن عطا وطاوس، وهو مذهبنا (1) وما اختاره ما نعرف

(١) فإنه قال في الفقيه ج ١ ص ٥٣ (ط - النجف) ولا يجوز مجامعة المرأة في حيضها لأن الله عز وجل نهى عن ذلك فقال: " ولا تقربوهن حتى يطهرن " يعني بذلك الغسل من الحيض، فإن كان الرجل شبقا - مغرما - بالجماع وقد طهرت المرأة وأراد أن يجامعها قبل الغسل أمرها أن تغسل فرجها ثم يجامعها.
(2) قال الشيخ في الخلاف: إذا انقطع دم الحيض جاز لزوجها وطيها إذا غسلت فرجها، سواء كان ذلك في أقل الحيض أو في أكثره، وإن لم تغتسل، وقال أبو حنيفة: إن أنقطع دمها لأكثر مدة الحيض وهو عشرة أيام حل وطيها، ولم يراع غسل الفرج وإن انقطع دون العشرة أيام لم يحل ذلك إلا بعد أن توجد ما ينافي الحيض، وهي أن تغتسل أو تتيمم وتصلي، فإن تيممت ولم تصل لم يجز وطيها فإن خرج عنها الوقت ولم تصل جاز وطيها، وقال الشافعي لا يحل وطيها إلا بعد أن تستبيح فعل الصلاة إما بالغسل مع وجود الماء أو بالتيمم عند عدمه فأما قبل استباحة الصلاة فلا يجوز وطيها على حال.
ثم استدل الشيخ رحمه الله على جواز ذلك بالآية الشريفة ثم قال: وعليه إجماع الفرقة ثم نقل الأحاديث في ذلك فراجع، والعجب من المصنف قدس سره حيث قال قبل ذلك بأسطر:
" وأما الغاية فقراءة التخفيف يدل على أنه انقطاع الدم كما هو مذهب أكثر الأصحاب " إلى آخر كلامه، فاعترف بأن تحريم الوطي غايته انقطاع الدم عند الأكثر، ثم يقول ههنا: " وما اختاره ما نعرف مذهبا لأصحابنا ".
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»
الفهرست