الذنب على الترك وهو أيضا ظاهر فيمكن القول بأنه عقلي والآيات دالة على ذلك كثيرة، مثل قوله تعالى في هذه السورة " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر (1) " الآية أي وجدتم خير جماعة مخلوقة أو أخرجتم من العدم إلى الوجود لتأمروا بالمعروف، وتنهوا عن المنكر، فمشعرة بأن الخيرية باعتبار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والايمان بالله. فتأمل.
ومنها " إن الله يأمر بالعدل (2) " وهو الانصاف والتوسط في جميع الاعتقادات والأفعال والأقوال، وعدم التفريط والافراط والميل إلى أحد الجانبين فلا يكون اعتقاده في حق الله ناقصا ولا فوق ما لا يجوز، بأن يعتقد الشركة والافراط والاتصاف بالصفات الناقصة واتصاف النبي بالألوهية، وكذا في الإمامة، وكذا في العبادات لا يجعلها ناقصة عن الوظيفة ولا يخترع فيها فوق ما عينه الشارع، وبالجملة لا يخرج عن الشرع الشريف " والاحسان " إلى الغير وهو التفضل ولفظ إحسان جامع لكل خير، والأغلب استعماله في التبرع ويحتمل في العبادات كما قيل إنه إحسان في الطاعات وهو إما بحسب الكمية فبفعل النوافل، والكيفية كما قال صلى الله عليه وآله الاحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك (3).
" وإيتاء ذي القربى " أي أن الله يأمر بإيتاء الأقارب ما يحتاجون إليه وصلة الرحم وهو تخصيص بعد تعميم، للاهتمام، بل الاحسان أيضا كذلك قال في مجمع البيان: وهذا عام وقيل إن المراد بذي القربى قرابة الرسول صلى الله عليه وآله المشار إليهم في قوله " إلا المودة في القربى " و " لذي القربى " (4) في قسمة الخمس والمروي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال نحن هم كأنه إشارة إلى ذلك " وينهى عن الفحشاء " الافراط في متابعة القوة الشهوانية كالزنا فإنه قبيح بل أقبح أحوال الانسان وأشنعها " والمنكر " ما ينكر على فاعله من جميع المعاصي تعميم بعض تخصيص " والبغي " الاستعلاء والاستيلاء على الناس، والتجبر والتكبر المحرم بل بمنزلة الكفر، قيل الفحش ما يفعله الانسان