الشدائد، وقرئ " والصابرون " وقرئ: والموفين والصابرين.
" أولئك الذين صدقوا " أي الموصوفون بالصفات المتقدمة هم الذين صدقوا الله فيما قبلوا وعاهدوا وقت القتال، أو هم الذين صدق أفعالهم نياتهم، وهو المتقون بفعلهم عن نار جهنم وسائر العذاب، أو عن الكفر وسائر المعاصي المهلكة، ويحتمل أن يكون " وآتى المال " إشارة إلى غير الزكاة الواجبة من المندوبات والصلات و آتي الزكاة إشارة إليها أو يكون كلاهما في الواجبة: الأولى لبيان المصرف، و الثانية لبيان الفعل فقط، ويكون الذكر على هذا الوجه والتكرار للاهتمام فما قال في مجمع البيان: في الآية دلالة على وجوب إعطاء مال الزكاة المفروضة غير ظاهر عندي إلا باعتبار حصر البر أو حصر الصدق والتقوى في فاعل المذكورات، و ذلك أيضا غير واضح فافهم.
واعلم أنه ليس في الآية دلالة على وجوب الزكاة بل ولا على وجوب شئ من المذكورات، نعم فيها ترغيب وتحريص على الأمور المذكورة فيعلم الوجوب من موضع آخر، فما كان فيها أحكام يعتد بها مع أن هذه الأحكام يفهم من غيرها مفصلة، ولكن ذكرتها لمتابعة من تقدمنا كغيرها، واشتمالها على فوائد حتى قال القاضي: والآية جامعة للكمالات الانسانية بأسرها دالة عليها صريحا أو ضمنا فإنها بكثرتها وشعبها منحصرة في ثلاثة أشياء: صحة الاعتقاد، وحسن المعاشرة وتهذيب النفس، وقد أشير إلى الأول بقوله " من آمن - إلى - والنبيين " وإلى الثاني بقوله " وآتى المال على حبه - إلى قوله تعالى - وفي الرقاب " وإلى الثالث بقوله " وأقام الصلاة " إلى آخرها، ولذلك وصف المستجمع لها بالصدق نظرا إلى ايمانه واعتقاده، بالتقوى باعتبار معاشرته للخلق، وتهذيب أفعاله ونفسه أيضا، وكأنه إليه أشار بقوله صلى الله عليه وآله: من عمل بهذه الآية فقد استكمل الايمان (1) وفيها وفيه دلالة على عدم اعتبار الأعمال في الايمان بل في كماله.