وعلى قبول التوبة، وقبول الزكاة على الله بل سائر العبادات، بل وجوب العلم بذلك، وكذا كونه رحيما، وهي أن جماعة تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وآله حين ذهب إلى الجهاد قيل هم ثلاثة، وقيل عشرة، سبعة منهم أوثقوا أنفسهم على سواري المسجد لما بلغهم ما نزل في المتخلفين، فأيقنوا بالهلاك، فقدم رسول الله صلى الله عليه وآله فدخل المسجد فصلى ركعتين وكان عادته ذلك كلما قدم من سفر، وكأنه لذلك يستحب لكل قادم ذلك كما ورد به الرواية وذكر في الدروس، فسأل عنهم فذكر له أنهم أقسموا أن لا يحلوا أنفسهم حتى يحلهم رسول الله صلى الله عليه وآله قال أنا أقسم أن لا أحلهم حتى أؤمر فيهم، فنزلت الآية المتقدمة على هذه، وهي " وآخرون اعترفوا بذنوبهم (1) " فأطلقهم وأعذرهم فقالوا: يا رسول الله صلى الله عليه وآله هذه أموالنا الذي خلفتنا عنك فتصدق بها وطهرنا، فقال: ما أمرت أن آخذ من أموالكم، فنزلت " خذ من أموالهم " الآية فأخذ منهم الزكاة المقررة شرعا.
الثانية: يا أيها الذين آمنوا انفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه والله غني حميد (2).
هذا بيان لصفة الصدقة: أمر المؤمنون بالانفاق - لأنهم المنتفعون به كما مر - من بعض طيب مكسوباتهم، سواء كانت من تبعيضية أم ابتدائية، أي حلاله أو جيده المحبوب عندهم كما أشار إليه في قوله " مما تحبون " (3) وبالانفاق من طيب ما أخرجته الأرض، فحذف المضاف بقرينة ما سبق، أو أريد مما هو الطيب من الغلات والثمار والمعادن والكنوز، ونهاهم عن قصد إنفاق الخبيث أي الردي أو الحرام من المال مطلقا " وتنفقون " كأنه حال عن فاعل " تيمموا " أي لا تقصدوا