تقدم شرحه في كتاب الزكاة والتقييد بقوله فيكم يشعر بأنه محمول على زمن الصحابة فيكون إشارة إلى ما وقع من الفتوح واقتسامهم أموال الفرس والروم ويكون قوله فيفيض حتى يهم رب المال إشارة إلى ما وقع في زمن عمر بن عبد العزيز فقد تقدم انه وقع في زمنه ان الرجل كان يعرض ماله للصدقة فلا يجد من يقبل صدقته ويكون قوله وحتى يعرضه فيقول الذي يعرضه عليه لا أرب لي به إشارة إلى ما سيقع في زمن عيسى بن مريم فيكون في هذا الحديث إشارة إلى ثلاثة أحوال الأولى إلى كثرة المال فقط وقد كان ذلك في زمن الصحابة ومن ثم قيل فيه يكثر فيكم وقد وقع في حديث عوف بن مالك الذي مضى في كتاب الجزية ذكر علامة أخرى مباينة لعلامة الحالة الثانية في حديث عوف بن مالك رفعه أعدد ستا بين يدي الساعة موتى ثم فتح بيت المقدس وموتان ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل منه مائة دينار فيظل ساخطا الحديث وقد أشرت إلى شئ من هذا عند شرحه الحالة الثانية الإشارة إلى فيضه من الكثرة بحيث ان يحصل استغناء كل أحد عن أخذ مال غيره وكان ذلك في آخر عصر الصحابة وأول عصر من بعدهم ومن ثم قيل يهم رب المال وذلك ينطبق على ما وقع في زمن عمر بن عبد العزيز الحالة الثالثة فيه الإشارة إلى فيضه وحصول الاستغناء لكل أحد حتى يهتم صاحب المال بكونه لا يجد من يقبل صدقته ويزداد بأنه يعرضه على غيره ولو كان ممن لا يستحق الصدقة فيأبى أخذه فيقول لا حاجة لي فيه وهذا في زمن عيسى عليه السلام ويحتمل ان يكون هذا الأخير خروج النار واشتغال الناس بأمر الحشر فلا يلتفت أحد حينئذ إلى المال بل يقصد ان يتخفف ما استطاع (قوله وحتى يتطاول الناس في البنيان) تقدم في كتاب الايمان من وجه آخر عن أبي هريرة في سؤال جبريل عن الايمان قوله في أشراط الساعة ويتطاول الناس في البنيان وهي من العلامات التي وقعت عن قرب في زمن النبوة ومعنى التطاول في البنيان ان كلا ممن كان يبني بيتا يريد ان يكون ارتفاعه أعلى من ارتفاع الآخر ويحتمل ان يكون المراد المباهاة به في الزينة والزخرفة أو أعم من ذلك وقد وجد الكثير من ذلك وهو في ازدياد (قوله وحتى يمر الرجل بقبر الرجل) تقدم شرحه قبل ببابين (قوله وحتى تطلع الشمس من مغربها) تقدم شرحه في آخر كتاب الرقاق وذكرت هناك ما أبداه البيهقي ثم القرطبي احتمالا ان الزمن الذي لا ينفع نفسا ايمانها يحتمل ان يكون وقت طلوع الشمس من المغرب ثم إذا تمادت الأيام وبعد العهد بتلك الآية عاد نفع الايمان والتوبة وذكرت من جزم بهذا الاحتمال وبينت أوجه الرد عليه ثم وقفت على حديث لعبد الله ابن عمرو ذكر فيه طلوع الشمس من المغرب وفيه فمن يومئذ إلى يوم القيامة لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن آمنت من قبل الآية أخرجه الطبراني والحاكم وهو نص في موضع النزاع وبالله التوفيق (قوله ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه) وقع عند مسلم من رواية سفيان عن أبي الزناد ويتبايعان الثوب فلا يتبايعانه حتى تقوم وللبيهقي في البعث من طريق محمد بن زياد عن أبي هريرة ولتقومن الساعة على رجلين قد نشرا بينهما ثوبا يتبايعانه فلا يتبايعانه ولا يطويانه ونسبة الثوب إليهما في الرواية الأولى باعتبار الحقيقة في أحدهما والمجاز في الآخر لأن أحدهما مالك والآخر مستام وقوله في الرواية الأخرى يتبايعانه أي يتساومان فيه مالكه والذي يريد شراءه فلا يتم بينهما ذلك من بغتة قيام الساعة فلا يتبايعانه ولا يطويانه وعند
(٧٧)