والآخر له أجر الاجتهاد فقط وقد تقدمت الإشارة إلى وقوع الخطا في الاجتهاد في حديث أم سلمة انكم تختصمون إلي ولعل بعضكم ان يكون ألحن بحجته من بعض وأخرج لحديث الباب سببا من وجه آخر عن عمرو بن العاص من طريق ولده عبد الله بن عمرو عنه قال جاء رجلان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يختصمان فقال لعمرو اقض بينهما يا عمرو قال أنت أولى بذلك مني يا رسول الله قال وإن كان قال فإذا قضيت بينهما فمالي فذكر نحوه لكن قال في الإصابة فلك عشر حسنات وأخرج من حديث عقبة بن عامر نحوه بغير قصة بلفظ فلك عشرة أجور وفي سند كل منهما ضعف ولم أقف على اسم من أبهم في هذين الحديثين (قوله قال فحدثت بهذا الحديث أبا بكر بن عمرو بن حزم) القائل فحدثت هو يزيد بن عبد الله أحد رواته وأبو بكر بن عمرو نسب في هذه الرواية لجده وهو أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وثبت ذكره في رواية مسلم من رواية الداودي عن يزيد ونسبه فقال يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد (قوله عن أبي هريرة) يريد بمثل حديث عمرو بن العاص (قوله وقال عبد العزيز بن المطلب) أي بن عبد الله بن حنطب المخزومي قاضي المدينة وكنيته أبو طالب وهو من أقران مالك ومات قبله وليس له في البخاري سوى هذا الموضع الواحد المعلق وعبد الله بن أبي بكر هو والد الراوي المذكور في السند الذي قبله أبو بكر ابن محمد بن عمرو بن حزم وكان قاضي المدينة أيضا (قوله عن أبي سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم) يريد أن عبد الله بن أبي بكر خالف أباه في روايته عن أبي سلمة وأرسل الحديث الذي وصله وقد وجدت ليزيد بن الهاد فيه متابعا أخرجه عبد الرزاق وأبو عوانة من طريقه عن معمر عن يحيى ابن سعيد هو الأنصاري عن أبي بكر بن محمد عن أبي سلمة عن أبي هريرة فذكر الحديث مثله بغير قصة وفيه فله أجران اثنان قال أبو بكر بن العربي تعلق بهذا الحديث من قال إن الحق في جهة واحدة للتصريح بتخطئة واحد لا بعينه قال وهي نازلة في الخلاف عظيمة وقال المازري تمسك به كل من الطائفتين من قال إن الحق في طرفين ومن قال إن كل مجتهد مصيب اما الأولى فلانه لو كان كل مصيبا لم يطلق على أحدهما الخطأ لاستحالة النقيضين في حالة واحدة واما المصوبة فاحتجوا بأنه صلى الله عليه وسلم جعل له اجرا فلو كان لم يصب لم يؤجر وأجابوا عن إطلاق الخطأ في الخبر على من ذهل عن النص أو اجتهد فيما لا يسوغ الاجتهاد فيه من القطعيات فيما خالف الاجماع فإن مثل هذا ان اتفق له الخطأ فيه نسخ حكمه وفتواه ولو اجتهد بالاجماع وهو الذي يصح عليه إطلاق الخطأ واما من اجتهد في قضية ليس فيها نص ولا إجماع فلا يطلق عليه الخطأ وأطال المازري في تقرير ذلك والانتصار له وختم كلامه بأن قال إن من قال إن الحق في طرفين هو قول أكثر أهل التحقيق من الفقهاء والمتكلمين وهو مروي عن الأئمة الأربعة وان حكى عن كل منهم اختلاف فيه (قلت) والمعروف عن الشافعي الأول قال القرطبي في المفهم الحكم المذكور ينبغي ان يختص بالحاكم بين الخصمين لان هناك حقا معينا في نفس الامر يتنازعه الخصمان فإذا قضى به لأحدهما بطل حق الآخر قطعا وأحدهما فيه مبطل لا محالة والحاكم لا يطلع على ذلك فهذه الصورة لا يختلف فيها ان المصيب واحد لكون الحق في طرف واحد وينبغي ان يختص الخلاف بأن المصيب واحد إذ كل مجتهد مصيب بالمسائل التي يستخرج الحق منها بطريق الدلالة وقال ابن العربي عندي في هذا الحديث فائدة زائدة حاموا عليها فلم يسقوا وهي ان
(٢٦٩)