يتساوون إذا كانوا جهالا وكأنه يريد غلبة الجهل وكثرته بحيث يفقد العلم بفقد العلماء قال ابن بطال وجميع ما تضمنه هذا الحديث من الاشراط قد رأيناها عيانا فقد نقص العلم وظهر الجهل وألقى الشح في القلوب وعمت الفتن وكثر القتل قلت الذي يظهر ان الذي شاهده كان منه الكثير مع وجود مقابله والمراد من الحديث استحكام ذلك حتى لا يبقى مما يقابله الا النادر واليه الإشارة بالتعبير بقبض العلم فلا يبقى الا الجهل الصرف ولا يمنع من ذلك وجود طائفة من أهل العلم لانهم يكونون حينئذ مغمورين في أولئك ويؤيد ذلك ما أخرجه ابن ماجة بسند قوي عن حذيفة قال يدرس الاسلام كما يدرس وشي الثوب حتى لا يدري ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة ويسرى على الكتاب في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية الحديث وسأذكر مزيدا لذلك في أواخر كتاب الفتن وعند الطبراني عن عبد الله بن مسعود قال ولينزعن القرآن من بين أظهركم يسرى عليه ليلا فيذهب من أجواف الرجال فلا يبقى في الأرض منه شئ وسنده صحيح لكنه موقوف وسيأتي بيان معارضه ظاهرا في كتاب الأحكام والجمع بينهما وكذا القول في باقي الصفات والواقع ان الصفات المذكورة وجدت مباديها من عهد الصحابة ثم صارت تكثر في بعض الأماكن دون بعض والذي يعقبه قيام الساعة استحكام ذلك كما قررته وقد مضى من الوقت الذي قال فيه ابن بطال ما قال نحو ثلاثمائة وخمسين سنة والصفات المذكورة في ازدياد في جميع البلاد لكن يقل بعضها في بعض ويكثر بعضها في بعض وكلما مضت طبقة ظهر النقص الكثير في التي تليها والى ذلك الإشارة بقوله في حديث الباب الذي بعده لا يأتي زمان الا والذي بعده شر منه ثم نقل ابن بطال عن الخطابي في معنى تقارب الزمان المذكور في الحديث الآخر يعني الذي أخرجه الترمذي من حديث أنس وأحمد من حديث أبي هريرة مرفوعا لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان فتكون السنة كالشهر والشهر كالجمعة والجمعة كاليوم ويكون اليوم كالساعة وتكون الساعة كاحتراق السعفة قال الخطابي هو من استلذاذ العيش يريد والله أعلم انه يقع عند خروج المهدي ووقوع الامنة في الأرض وغلبة العدل فيها فيستلذ العيش عند ذلك وتستقصر مدته وما زال الناس يستقصرون مدة أيام الرخاء وان طالت ويستطيلون مدة المكروه وان قصرت وتعقبه الكرماني بأنه لا يناسب أخواته من ظهور الفتن وكثرة الهرج وغيرهما (وأقول) انما احتاج الخطابي إلى تأويله بما ذكر لأنه لم يقع النقص في زمانه والا فالذي تضمنه الحديث قد وجد في زماننا هذا فانا نجد من سرعة مر الأيام ما لم نكن نجده في العصر الذي قبل عصرنا هذا وان لم يكن هناك عيش مستلذ والحق ان المراد نزع البركة من كل شئ حتى من الزمان وذلك من علامات قرب الساعة وقال بعضهم معنى تقارب الزمان استواء الليل والنهار قلت وهذا مما قالوه في قوله إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب كما تقدم بيانه فيما مضى ونقل ابن التين عن الداودي ان معنى حديث الباب ان ساعات النهار تقصر قرب قيام الساعة ويقرب النهار من الليل انتهى وتخصيصه ذلك بالنهار لا معنى له بل المراد نزع البركة من الزمان ليله ونهاره كما تقدم قال النووي تبعا لعياض وغيره المراد بقصره عدم البركة فيه وان اليوم مثلا يصير الانتفاع به بقدر الانتفاع بالساعة الواحدة قالوا وهذا أظهر وأكثر فائدة وأوفق لبقية الأحاديث وقد قيل في تفسير قوله يتقارب الزمان قصر الأعمار بالنسبة إلى كل طبقة فالطبقة الأخيرة أقصر أعمارا من
(١٣)