أحمد بن عبيد بن ناصح النحوي، قال: حدثني الزيادي، قال: حدثنا الشرقي ابن القطامي، عن محمد بن إسحاق قال: حدثنا صالح بن كيسان، عن عروة، عن عائشة، قالت: لما بلغ فاطمة إجماع أبي بكر عن منعها فدك لاثت خمارها على رأسها، واشتملت بجلبابها، وأقبلت في لمة من حفدتها...
قال المرتضى: وأخبرنا المرزباني، قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد المكي، قال: حدثنا أبو العيناء بن القاسم اليماني، قال: حدثنا ابن عائشة، قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله أقبلت فاطمة إلى أبي بكر في لمة من حفدتها - ثم اجتمعت الروايتان من هاهنا - ونساء قومها تطأ ذيولها، ما تخرم مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه وآله حتى دخلت على أبي بكر، وهو في حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم، فنيطت دونها ملاءة، ثم أنت أنه أجهش لها القوم بالبكاء، وارتج المجلس، ثم أمهلت هنيئة، حتى إذا سكن نشيج القوم وهدأت فورتهم، افتتحت كلامها بالحمد لله عز وجل والثناء عليه والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم قالت:
" لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم " فإن تعزوه تجدوه أبي دون آبائكم وأخا ابن عمي دون رجالكم، فبلغ الرسالة صادعا بالنذارة، مائلا عن سنن المشركين، ضاربا ثبجهم يدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، آخذا بأكظام المشركين، يهشم الأصنام، ويفلق الهام، حتى انهزم الجمع وولوا الدبر، وحتى تفرى الليل عن صبحه وأسفر الحق عن محضه، ونطق زعيم الدين وخرست شقاشق الشياطين، وتمت كلمة الإخلاص، وكنتم على شفا حفرة من النار، نهزة الطامع ومذقة الشارب، وقبسة العجلان وموطأ الأقدام، تشربون الطرق