فاتقوا الله حق تقاته! وأطيعوه فيما أمركم به، فإنما يخشى الله من عباده العلماء، واحمدوا الله الذي لعظمته ونوره يبتغي من في السماوات والأرض إليه الوسيلة، ونحن وسيلته في خلقه، ونحن خاصته ومحل قدسه، ونحن حجته في غيبه، ونحن ورثة أنبيائه (ثم قالت): أنا فاطمة ابنة محمد، أقول عودا على بدء، وما أقول ذلك سرفا ولا شططا، فاسمعوا بأسماع واعية وقلوب راعية (ثم قالت): " لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم " فإن تعزوه تجدوه أبي دون آبائكم وأخا ابن عمي دون رجالكم.
ثم ذكرت كلاما طويلا سنذكره فيما بعد في الفصل الثاني، تقول في آخره:
ثم أنتم الآن تزعمون أن لا إرث لي " أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ".
إيها معاشر المسلمين! ابتز إرث أبي! أبى الله أن ترث يا ابن أبي قحافة أباك ولا أرث أبي، لقد جئت شيئا فريا، فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم الله، والزعيم محمد، والموعد القيامة، وعند الساعة يخسر المبطلون، ولكل نبأ مستقر، وسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم.
ثم التفتت إلى قبر أبيها فتمثلت بقول هند بنت أثاثة:
قد كان بعدك أنباء وهينمة * لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب أبدت رجال نجوى صدورهم * لما قضيت وحالت دونك الكتب تجهمتنا رجال واستخف بنا * إذ غبت عنا فنحن اليوم نغتصب قال: ولم ير الناس أكثر باك ولا باكية منهم يومئذ! ثم عدلت إلى مسجد الأنصار، فقالت: