كافرون، وصنف مشركون، وصنف ضلال. فأما الكافرون: فالذين قالوا:
إن معاوية إمام وعلي لا يصلح لها، فكفروا من جهتين: أن جحدوا إماما من الله، ونصبوا إماما ليس من الله. وأما المشركون: فقوم قالوا: معاوية إمام وعلي يصلح لها، فأشركوا معاوية مع علي عليه السلام. وأما الضلال فعلى سبيل أولئك خرجوا للحمية والعصبية للقبائل والعشائر.
فانقطع بيان عند ذلك.
فقال ضرار: فأنا أسألك يا هشام! في هذا، فقال هشام: أخطأت، قال:
ولم؟ قال: لأنكم مجتمعون على دفع إمامة صاحبي وقد سألني هذا عن مسألة وليس لكم أن تثنوا بالمسألة علي حتى أسألك يا ضرار عن مذهب في هذا الباب، قال ضرار: فسل.
قال: أتقول: إن الله عدل لا يجور؟ قال: نعم هو عدل لا يجور تبارك وتعالى، قال: فلو كلف الله المقعد المشي إلى المساجد والجهاد في سبيل الله وكلف الأعمى قراءة المصاحف والكتب أتراه كان عادلا أم جائرا؟ قال ضرار: ما كان الله ليفعل ذلك، قال هشام: قد علمنا أن الله لا يفعل ذلك، ولكن على سبيل الجدل والخصومة إن لو فعل ذلك أليس كان في فعله جائرا؟ وكلفه تكليفا لا يكون له السبيل إلى إقامته وأدائه؟ قال: لو فعل ذلك لكان جائرا.
قال: فأخبرني عن الله عز وجل كلف العباد دينا واحدا لا اختلاف فيه لا يقبل منهم إلا أن يأتوا به كما كلفهم؟ قال: بلى، قال: فجعل لهم دليلا على وجود ذلك الدين، أو كلفهم ما لا دليل على وجوده فيكون بمنزلة من كلف الأعمى قراءة الكتب والمقعد المشي إلى المساجد والجهاد؟
قال: فسكت ضرار ساعة، ثم قال: لا بد من دليل وليس بصاحبك، قال: فضحك هشام! وقال: تشيع شطرك وصرت إلى الحق ضرورة!