" ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا " قال له العالم: " فإن اتبعتني فلا تسئلني عن شئ حتى أحدث لك منه ذكرا * فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها " وكان خرقها لله عز وجل رضا ولأهلها صلاحا، وكان عند موسى عليه السلام سخطا وفسادا، فلم يصبر موسى عليه السلام وترك ما ضمن له فقال له: " أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا " قال له العالم: " ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا " قال موسى: " لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا " فكف عنه العالم " فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله " وكان قتله لله عز وجل رضا ولأبويه صلاحا، وكان عند موسى عليه السلام ذنبا عظيما، قال موسى ولم يصبر: " أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا " قال العالم: " ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا * قال إن سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا * فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا جدارا يريد أن ينقض فأقامه " وكانت إقامته لله عز وجل رضا وللعالمين صلاحا " فقال لو شئت لاتخذت عليه أجرا قال هذا فراق بيني وبينك ".
وكان العالم أعلم بما يأتي موسى عليه السلام وكبر على موسى الحق وعظم، إذ لم يكن يعرف هذا وهو نبي مرسل من أولي العزم ممن قد أخذ الله عز وجل ميثاقه على النبوة، فكيف أنت يا أخا أهل الشام وأصحابك؟ إن عليا رضي الله عنه لم يقتل إلا من كان يستحل قتله.
وإني أخبرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عند أم سلمة بنت أبي أمية، إذ أقبل علي عليه السلام يريد الدخول على النبي صلى الله عليه وسلم فنقر نقرا خفيا، فعرف رسول الله صلى الله عليه وآله نقره، فقال: " يا أم سلمة، قومي فافتحي الباب " فقالت: يا رسول الله من هذا الذي يبلغ خطره أن أستقبله بمحاسني ومعاصمي؟ فقال: يا أم سلمة، إن طاعتي طاعة الله عز وجل،