ثلاثة أيام، ومنهم من يقول: تأخر حتى ماتت فاطمة عليها السلام ثم بايع بعد موتها، ومنهم من يقول: تأخر أربعين يوما، ومنهم من يقول: تأخر ستة أشهر، والمحققون من أهل الإمامة يقولون: لم يبايع ساعة قط، فقد حصل الإجماع على تأخره عن البيعة، ثم اختلفوا في بيعته بعد ذلك على ما قدمنا به الشرح.
فما يدل على أنه لم يبايع البتة: أنه ليس يخلو تأخره من أن يكون هدى وتركه ضلالا، أو يكون ضلالا وتركه هدى وصوابا، أو يكون صوابا وتركه صوابا، أو يكون خطأ وتركه خطأ.
فلو كان التأخر ضلالا وباطلا لكان أمير المؤمنين عليه السلام قد ضل بعد النبي صلى الله عليه وآله بترك الهدى الذي كان يجب عليه المصير إليه، وقد أجمعت الأمة على أن أمير المؤمنين عليه السلام لم يقع منه ضلال بد النبي صلى الله عليه وآله في طول زمان أبي بكر وأيام عمرو عثمان وصدرا من أيامه حتى خالفت الخوارج عند التحكيم وفارقت الأمة، فبطل أن يكون تأخره عن بيعة أبي بكر ضلالا.
وإن كان تأخره هدى وصوابا وتركه خطأ وضلالا، فليس يجوز أن يعدل عن الصواب إلى الخطأ ولا عن الهدى إلى الضلال، ولا سيما والإجماع واقع على أنه لم يظهر منه ضلال في أيام الثلاثة الذين تقدموا عليه.
ومحال أو يكون التأخر خطأ وتركه خطأ، للإجماع على بطلان ذلك أيضا، ولما يوجبه القياس من فساد هذا المقال.
وليس يصح أن يكون صوابا وتركه صوابا، لأن الحق لا يكون في جهتين ولا على وصفين متضادين، ولأن القوم المخالفين لنا في هذه المسألة مجمعون على أنه لم يكن إشكال في جوار الاختيار وصحة إمامة أبي بكر، وإنما الناس بين قائلين: قائل من الشيعة يقول: إن إمامة أبي بكر كانت فاسدة فلا يصح القول