زيدا فأكرمته وكلمته، فيكون الكلام لزيد بهاء الكناية ويكون الكرامة لعمرو أو خالد أو بكر، وإذا كان المؤيد بالملائكة رسول الله صلى الله عليه وآله باتفاق الأمة، فقد ثبت أن الذي نزلت عليه السكينة هو خاصة دون صاحبه. وهذا ما لا شبهة فيه.
وقال قوم منهم: إن السكينة وإن اختص بها النبي صلى الله عليه وآله فليس يدل ذلك على نقص الرجل، لأن السكينة إنما يحتاج إليها الرئيس المتبوع دون التابع.
فيقال لهم: هذا رد على الله سبحانه، لأنه قد أنزلها على الأتباع المرؤوسين ببدر وحنين وغيرهما من المقامات، فيجب على ما أصلتموه أن يكون الله سبحانه فعل بهم ما لم يكن بهم الحاجة إليه، ولو فعل ذلك لكان عابثا، تعالى الله عما يقول المبطلون علوا كبيرا!.
قال الشيخ أدام الله عزه: وها هنا شبهة يمكن إيرادها هي أقوى مما تقدم، غير أن القوم لم يهتدوا إليها، وأظن أنها خطرت ببال أحد منهم، وهو أن يقول قائل: قد وجدنا الله سبحانه ذكر شيئين، ثم عبر عن أحدهما بالكناية، فكانت الكناية عنهما معا دون أن يختص بأحدهما، وهو مثل قوله سبحانه: " والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله " فأورد لفظ الكناية عن الفضة خاصة وإنما أرادهما جميعا معا، وقد قال الشاعر:
نحن بما عندنا وأنت بما * عندك راض والأمر مختلف وإنما أراد نحن بما عندنا راضون وأنت راض بما عندك، فذكر أحد الأمرين فاستغنى عن الآخر، كذلك يقول سبحانه: " فأنزل الله سكينته عليه " ويريدهما جميعا دون أحدهما.
والجواب عن هذا وبالله التوفيق أن الاختصار بالكناية على أحد المذكورين دون عموم الجميع مجاز واستعارة، واستعمله أهل اللسان في مواضع