على ما يدل على ضعف عقله وسخف رأيه وضلاله عن الطريق، فقال قوم منهم:
إن السكينة إنما نزلت على أبي بكر، واعتلوا في ذلك بأنه كان خائفا رعبا، ورسول الله صلى الله عليه وآله كان آمنا مطمئنا، قالوا: والآمن غني عن السكينة، وإنما يحتاج الخائف الوجل.
قال الشيخ أيده الله: فيقال لهم: قد جنيتم بجهلكم على أنفسكم بطعنكم في كتاب الله بهذا الضعيف الواهي من استدلالكم، وذلك أنه لو كان ما اعتللتم به صحيحا لوجب أن لا تكون السكينة نزلت على رسول الله صلى الله عليه وآله في يوم بدر ولا في يوم حنين، لأنه لم يك صلى الله عليه وآله في هذين الموضعين خائفا ولا جزعا، بل كان آمنا مطمئنا متيقنا بكون الفتح له، وأن الله تعالى يظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وفيما نطق به القرآن من تنزيل السكينة عليه ما يدمر على هذا الاعتلال.
فإن قلتم: إن النبي صلى الله عليه وآله كان في هذين المقامين خائفا وإن لم يبد خوفه فلذلك نزلت السكينة عليه فيهما وحملتم أنفسكم على هذه الدعوى، قلنا لكم: وهذه كانت قصته صلى الله عليه وآله في الغار، فلم تدفعون ذلك؟.
فإن قلتم: إنه - صلى الله عليه وآله - قد كان محتاجا إلى السكينة في كل حال لينتفي عنه الخوف والجزع ولا يتعلقان به في شئ من الأحوال، نقضتم ما سلف لكم من الاعتلال وشهدتم ببطلان مقالكم الذي قدمناه. على أن نص التلاوة يدل على خلاف ما ذكرتموه، وذلك أن الله سبحانه قال: " فأنزل الله سكينته عليه وأيده. بجنود لم تروها " فأنبأ الله عز وجل خلقه أن الذي نزلت عليه السكينة هو المؤيد بالملائكة، وإذا كانت " الهاء " التي في التأييد تدل على ما دلت عليه " الهاء " التي في نزول السكينة، وكانت " هاء " الكناية من مبتدأ قوله: " إلا تنصروه فقد نصره الله " إلى قوله: " وأيده بجنود لم تروها " عن مكنى واحد ولم يجز أن تكون عن اثنين غيرين، كما لا يجوز أن يقول القائل: لقيت