طمعا في الملك، فلما لم تر شيئا أعظمت الدنيا إعظام أهل الذنوب، وأظهرت فيها نزاهة أهل الورع، فإن كنت ترضي الله بذلك فدع مصر وارجع إلى بيتك.
وهذه الحرب ليس فيها معاوية كعلي، ابتدأها علي بالحق وانتهى فيها إلى العذر، وبدأها معاوية بالبغي وانتهى فيها إلى السرف. وليس أهل العراق فيها كأهل الشام، بايع أهل العراق عليا وهو خير منهم، وبايع معاوية أهل الشام وهم خير منه. ولست أنا وأنت فيها بسواء، أردت الله، وأردت أنت مصر. وقد عرفت الشئ الذي باعدك مني، ولا أرى الشئ الذي قربك من معاوية، فإن ترد شرا لا نسبقك به، وإن ترد خيرا لا تسبقنا إليه [والسلام].
ثم دعا [أخاه] الفضل بن العباس، فقال: يا ابن أم، أجب عمرا. فقال الفضل:
يا عمرو حسبك من خدع ووسواس * فاذهب فليس لداء الجهل من آسى إلا تواتر طعن في نحوركم * يشجي النفوس ويشفي نخوة الرأس هذا الدواء الذي يشفي جماعتكم * حتى تطيعوا عليا وابن عباس أما علي فإن الله فضله * بفضل ذي شرف عال على الناس إن تعقلوا الحرب نعقلها مخيسة * أو تبعثوها فإنا غير أنكاس قد كان منا ومنكم في عجاجتها * ما لا يرد وكل عرضة الباس قتلى العراق بقتلى الشام ذاهبة * هذا بهذا وما بالحق من بأس لا بارك الله في مصر لقد جلبت * شرا وحظك منها حسوة الكأس يا عمرو إنك عار من مغارمها * والراقصات ومن يوم الجزا كاسي ثم عرض الشعر والكتاب على علي، فقال: لا أراه يجيبك بشئ بعدها إن كان يعقل، ولعله يعود فتعود له.
فلما انتهى الكتاب إلى عمرو أتى به معاوية، فقال: أنت دعوتني إلى هذا، ما كان أغناني وإياك عن بني عبد المطلب فقال: إن قلب ابن عباس وقلب علي