والله جبنوا أصحابي الشجاع والجبان، وحتى والله! ما أسأل عن فارس من أهل الشام إلا قالوا: قتلته الأنصار. أما والله، لألقينهم بحدي وحديدي، ولأعبين لكل فارس منهم فارسا ينشب في حلقه، ثم لأرمينهم بأعدادهم من قريش، رجال لم يغذهم التمر والطفيشل، يقولون: نحن الأنصار، قد والله! آووا ونصروا ولكن أفسدوا حقهم بباطلهم...
وانتهى الكلام إلى الأنصار، فجمع قيس بن سعد الأنصاري الأنصار، ثم قام خطيبا فيهم، فقال: إن معاوية قد قال ما بلغكم وأجاب عنكم صاحباكم، فلعمري! لئن غظتم معاوية اليوم لقد غظتموه بالأمس، وإن وترتموه في الإسلام فقد وترتموه في الشرك، وما لكم إليه من ذنب [أعظم] من نصر هذا الدين الذي أنتم عليه، فجدوا اليوم جدا تنسونه [به] ما كان أمس، وجدوا غدا [جدا] تنسونه [به] ما كان اليوم، وأنتم مع هذا اللواء الذي كان يقاتل عن يمينه جبرائيل وعن يساره ميكائيل، والقوم مع لواء أبي جهل والأحزاب. وأما التمر:
فإنا لم نغرسه ولكن غلبنا عليه من غرسه.
وأما الطفيشل فلو كان طعامنا لسمينا به، كما سميت قريش السخينة ثم قال قيس بن سعد في ذلك:
يا ابن هند دع التوثب في الحر * ب إذا نحن في البلاد نأينا نحن من قد رأيت فادن إذا شئ * ت بمن شئت في العجاج إلينا إن برزنا بالجمع نلقك في الجمع * وإن شئت محضة أسرينا فالقنا في اللفيف نلقك في الخزرج * ندعو في حربنا أبوينا أي هذين ما أردت فخذه * ليس منا ولا منك الهوينا ثم لا تنزع العجاجة حتى * تنجلي حربنا لنا أو علينا ليت ما تطلب الغداة أتانا * أنعم الله بالشهادة عينا إننا الذين إذا الفتح * شهدنا وخيبرا وحنينا