قلب واحد، كلاهما ولد عبد المطلب، وإن كان قد خشن فقد لان، وإن كان قد تعظم أو عظم صاحبه فلقد قارب وجنح إلى السلم.
وإن معاوية كان يكاتب ابن عباس، وكان يجيبه بقول لين، وذلك قبل أن يعظم الحرب. فلما قتل أهل الشام قال معاوية: إن ابن عباس رجل من قريش، وأنا كاتب إليه في عداوة بني هاشم لنا، وأخوفه عواقب هذه الحرب، لعله يكف عنا، فكتب إليه:
أما بعد، فإنكم - يا معشر بني هاشم - لستم إلى أحد أسرع بالمساءة منكم إلى أنصار عثمان بن عفان، حتى أنكم قتلتم طلحة والزبير لطلبهما دمه واستعظامهما ما ينل منه، فإن يكن ذلك لسلطان بني أمية فقد وليهما عدي وتيم [فلم تنافسوهم] وأظهرتم لهم الطاعة، وقد وقع من الأمر ما قد ترى، وأكلت هذه الحرب بعضها من بعض حتى استوينا فيها، فما أطمعكم فينا أطمعنا فيكم، وما آيسكم منا آيسنا منكم وقد رجونا غير الذي كان، وخشينا دون ما وقع، ولستم بملاقينا اليوم بأحد من حد أمس ولا غدا بأحد من حد اليوم. وقد قنعنا بما كان في أيدينا من ملك الشام، فاقنعوا بما في أيديكم من ملك العراق، وأبقوا على قريش، فإنما بقي من رجالها ستة: رجلان بالشام، ورجلان بالعراق، ورجلان بالحجاز، فأما اللذان بالشام فأنا وعمرو، وأما اللذان بالعراق فأنت وعلي، وأما اللذان بالحجاز فسعد وابن عمر، واثنان من ستة ناصبان لك واثنان واقفان [فيك]. وأنت رأس هذا الجمع اليوم، ولو بايع لك الناس بعد عثمان كنا إليك أسرع منا إلى علي. في كلام كثير كتب إليه.
فلما انتهى الكتاب إلى ابن عباس أسخطه، ثم قال: حتى متى يخطب [ابن هند] إلي عقلي؟ وحتى متى أجمجم على ما في نفسي؟ فكتب إليه:
أما بعد [فقد أتاني كتابك وقرأته] فأما ما ذكرت من سرعتنا [إليك]