قال: ليس غير هذا؟ قالت: فما الذي تريد؟ قال: معك من أصبح في قريش بمنزلة الرأس من الجسد، لا بل بمنزلة العينين من الرأس. قالت: أما والله، لو أن بعض بني عبد مناف حضرك لقال لك خلاف قولك. فغضب وقال: الطعام والشراب علي حرام حتى أحضرك الهاشميين وغيرهم من بني عبد مناف فلا يستطيعون لذلك إنكارا. قالت: إن أطعتني لم تفعل، وأنت أعلم وشأنك.
فخرج إلى المسجد فرأى حلقة فيها قوم من قريش، منهم: عبد الله بن العباس، و عبد الله بن الحصين بن الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف، فقال لهم ابن الزبير: أحب أن تنطلقوا معي إلى منزلي، فقام القوم بأجمعهم حتى وقفوا على باب بيته. فقال ابن الزبير: يا هذه! اطرحي عليك سترك. فلما أخذوا مجالسهم دعا بالمائدة، فتغدى القوم، فلما فرغوا قال لهم: إنما جمعتكم لحديث ردته علي صاحبة الستر، وزعمت أنه لو كان بعض بني عبد مناف حضرني لما أقر لي بما قلت، وقد حضرتم جميعا. و أنت يا ابن عباس، ما تقول؟ إني أخبرتها أن معها في خدرها من أصبح في قريش بمنزلة الرأس من الجسد بل بمنزلة العينين من الرأس، فردت علي مقالتي.
فقال ابن عباس: أراك قصدت قصدي، فإن شئت أن أقول قلت، وإن شئت أن أكف كففت. قال: بل قل، وما عسى أن تقول؟.
ألست تعلم إني ابن الزبير حواري رسول الله صلى الله عليه وآله وأن أمي أسماء بنت أبي بكر الصديق ذات النطاقين، وإن عمتي خديجة سيدة نساء العالمين، وإن صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وآله جدتي، وإن عائشة أم المؤمنين خالتي، فهل تستطيع لهذا إنكارا؟.
قال ابن عباس: لقد ذكرت شرفا شريفا وفخرا فاخرا غير أنك تفاخر من لفخره فخرت وبفضله سموت. قال: وكيف ذلك؟ قال: لأنك لم تذكر فخرا