وذهب إلى قبر أمه وأخيه وودعهما 1 وروى عمر بن علي الأطرف وقال:
لما امتنع أخي الحسين (ع) عن البيعة ليزيد بالمدينة دخلت عليه فوجدته خاليا، فقلت له: جعلت فداك يا أبا عبد الله: حدثني أخوك أبو محمد الحسن عن أبيه (ع). ثم سبقتني الدمعة، وعلا شهيقي، فضمني إليه، وقال: أحدثك أني مقتول؟
فقلت: حوشيت يا ابن رسول الله. فقال: سألتك بحق أبيك، بقتلي خبرك أبي؟ فقلت نعم، فلولا تأولت وبايعت. فقال: حدثني أبي: أن رسول الله (ص) أخبره بقتله وقتلي وأن تربتي تكون بقرب تربته، فتظن أنك علمت ما لم أعلمه واني لا أعطى الدنية من نفسي أبدا ولتلقين فاطمة أباها شاكية ما لقيت ذريتها من أمته ولا يدخل الجنة أحد آذاها في ذريتها 2.
* * * كان حكام ذلك العصر وأشياعهم قد اعتادوا على تسمية تغيير أحكام الله بالتأويل كما شرحناه في بحث الاجتهاد حتى أصبح المتبادر إلى الذهن من لفظ التأويل هو التغيير، وأصبح ذلك شائعا وسائغا ومن ثم كان معاصروا الإمام الحسين الذين بلغهم نبأ استشهاد الحسين في العراق عن رسول الله يلحون على الإمام الحسين أن يؤول قضاء الله هذا اي يغيره بعدم ذهابه إلى العراق وبعضهم كان يضيف إلى ذلك طلبه من الامام ان يؤوله بالبيعة اي يغيره بالبيعة، وهذا ما عناه عمر بن علي بقوله (فلولا تأولت وبايعت) اي فلولا أولت قضاء الله بقتلك ببيعتك، وكذلك كان قصد محمد بن الحنفية في حاور أخاه الإمام الحسين وان لم يصرح به.
كما روى الطبري والمفيد وغيرهما واللفظ للمفيد: ان محمد بن الحنفية قال للحسين (ع) لما عزم على الخروج من المدينة: يا أخي أنت أحب الناس إلي وأعزهم علي ولست أدخر النصيحة لاحد من الخلق الا لك وأنت أحق بها. تنح ببيعتك عن يزيد بن معاوية وعن الأمصار ما استطعت ثم ابعث رسلك إلى الناس فادعهم إلى نفسك فان بايعك الناس وبايعوا لك حمدت الله على ذلك وان اجتمع الناس على غيرك لم ينقص الله بذلك دينك ولا عقلك ولا تذهب به مروءتك ولا فضلك انى أخاف عليك أن تدخل مصرا من هذه الأمصار فيختلف الناس بينهم فمنهم طائفة معك وأخرى عليك فيقتتلون فتكون لأول الأسنة غرضا، فإذا خير هذه الأمة كلها نفسا وأبا وأما أضيعها