بالأهواز فنزل بهم وشرب عندهم فلما أمسى انصرف، فأخذه العسس (1) فحبس.
فكتب من غده بهذه الأبيات وبعث بها إلى يزيد بن مذعور، فدخل على أبي بجير و قال: قد جنى عليك صاحب عسسك ما لا قوام لك به. قال: وما ذلك؟! قال: اسمع هذه الأبيات كتبها السيد من الحبس، فأنشده يقول:
قف بالديار وحيها يا مربع * واسأل وكيف يجيب من لا يسمع؟!
إن الديار خلت وليس بجوها * إلا الضوايح والحمام الوقع ولقد تكون بها أوانس كالدمى (2) * جمل وعزة والرباب ويوزع حور نواعم لا ترى في مثلها * أمثالهن من الصيانة أربع فعرين بعد تألف وتجمع * والدهر - صاح - مشتت ما تجمع فاسلم فإنك قد نزلت بمنزل * عند الأمير تضر فيه وتنفع تأتي هواك إذا نطقت بحاجة * فيه وتشفع عنده فيشفع قل للأمير إذا ظهرت بخلوة * منه ولم يك عنده من يسمع : هب لي الذي أحببته في أحمد * وبنيه إنك حاصد ما تزرع يختص آل محمد بمحبة * في الصدر قد طويت عليها الأضلع ويقول فيها:
قم يا بن مذعور فأنشد نكسوا * خضع الرقاب بأعين لا ترفع لولا حذار أبي بجير أظهروا * شنآنهم وتفرقوا وتصدعوا لا تجزعوا فلقد صبرنا فاصبروا * سبعين عاما والأنوف تجدع إذ لا يزال يقوم كل عروبة (3) * منكم بصاحبنا خطيب مصقع مستحفز في غيه متتابع * في الشتم مثله بخيل يسجع ليسر مخلوقا ويسخط خالقا * إن الشقي بكل شر مولع فلما سمعها أبو بجير دعا صاحب عسسه فشتمه وقال: جنيت علي ما لا يدلى