القوم بقوله:
يا باعة الخمر كفوا عن مفاخركم * لعصبة بيعهم يوم الحياج دم وكم وكم لهذه من أشباه ونظاير في شعراء أكابر الشيعة، وسوف تقف عليها في طيات أجزاء كتابنا هذا إنشاء الله تعالى.
وبهذه الغاية المهمة كان الشعر في القرون الأولى مدحا وهجاءا ورثاءا كالصارم المسلول بيد موالي أئمة الدين، وسهما مغرقا في أكباد أعداء الله، ومجلة دعاية إلى ولاء آل الله في كل صقع وناحية، وكانوا صلوات الله عليهم يضحون دونه ثروة طايلة ويبذلون من مال الله للشعراء ما يغنيهم عن التكسب والاشتغال بغير هذه المهمة، وكانوا يوجهون الشعراء إلى هذه الناحية، ويحتفظون بها بكل حول وطول، ويحرضون الناس عليها، ويبشرونهم عن الله و (هم أمناء وحيه) بمثل قولهم: من قال فينا بيت شعر بنى الله له بيتا في الجنة. ويحثونهم على تعلم ما قيل فيهم وحفظه بمثل قول الصادق الأمين عليه السلام. علموا أولادكم بشعر العبدي. وقوله: ما قال فينا قائل بيت شعر حتى يؤيد بروح القدس (1). وروى الكشي في رجاله ص 160 عن أبي طالب القمي قال:
كتبت إلى أبي جعفر بأبيات شعر وذكرت فيها أباه وسألته أن يأذن لي في أن أقول فيه، فقطع الشعر وحبسه وكتب في صدر ما بقي من القرطاس: قد أحسنت فجزاك الله خيرا. وعنه في لفظ آخر: فأذن لي أن أرثي أبا الحسن أعني أباه وكتب إلي: أن اندبه واندب لي.
* (الشعر والشعراء في السنة والكتاب) * كل ما ذكرنا عنهم صلوات الله عليهم كان تأسيا بقدوتهم النبي الطاهر صلى الله عليه وآله فإنه أول فاتح لهذا الباب بمصراعيه مدحا وهجاءا بإصاخته للشعراء المادحين له ولأسرته الكريمة، وكان ينشد الشعر ويستنشده ويجيز عليه ويرتاح له ويكرم الشاعر مهما وجد في شعره هذه الغاية الوحيدة كارتياحه لشعر عمه شيخ الأباطح أبي طالب سلام الله عليه لما استسقى فسقي قال: لله در أبي طالب