أما المترجم فهو دعبل (1) يكنى أبا علي عند الجميع وعن ابن أيوب (2) أبو جعفر. وفي الأغاني عن ابن أيوب: إن اسمه محمد، وفي تاريخ الخطيب 8 ص 383: زعم أحمد بن القاسم: إن اسمه الحسن، وقال ابن أخيه إسماعيل: اسمه عبد الرحمن. وقال غيرهما : محمد. وعن إسماعيل: إنما لقبته دايته بدعبل لدعابة كانت فيه فأرادت ذعبلا فقلبت الذال دالا.
يقال: أصله كوفي كما في كثير من المعاجم، وقيل: من قرقيسا. وكان أكثر مقامه ببغداد وخرج منها هاربا من المعتصم لما هجاه وعاد إليها بعد ذلك وجول في الآفاق فدخل البصرة ودمشق ومصر على عهد المطلب بن عبد الله بن مالك المصري وولاه أسوان فلما بلغ هجاؤه إياه عزله فأنفذ إليه كتاب العزل مع مولى له وقال:
انتظره حتى يصعد المنبر يوم الجمعة فإذا علاه فأوصل الكتاب إليه وأمنعه من الخطبة وأنزله عن المنبر وأصعد مكانه. فلما أن علا المنبر وتنحنح ليخطب ناوله الكتاب فقال له دعبل: دعني أخطب فإذا نزلت قرأته قال: لا، قد أمرني أن أمنعك الخطبة حتى تقرأه. فقرأه وأنزله عن المنبر معزولا وخرج منها إلى المغرب إلى بني الأغلب.
(الأغاني 18 ص 48) سافر إلى الحجاز مع أخيه رزين، والي الري وخراسان مع أخيه علي، وقال أبو الفرج (3): كان دعبل يخرج فيغيب سنين يدور الدنيا كلها ويرجع وقد أفاد و أثرى، وكانت الشراة والصعاليك يلقونه لا يؤذونه ويؤاكلونه ويشاربونه ويبرونه وكان إذا لقيهم وضع طعامه وشرابه ودعاهم إليه، ودعا بغلاميه: ثقيف وشعف.
وكانا مغنيين فأقعدهما يغنيان، وسقاهم وشرب معهم، وأنشدهم فكانوا قد عرفوه و ألفوه لكثرة أسفاره وكانوا يواصلونه ويصلونه، وأنشد دعبل لنفسه في بعض أسفاره:
حللت محلا يقصر البرق دونه * ويعجز عنه الطيف أن يتجشما