أرويت للبيد اثنى عشر ألف بيت (1) وكان صلى الله عليه وآله يستنشدها الشعر ويقول:
أبياتك. ومما أنشدت:
إذا ما التبر حك على محك * تبين غشه من غير شك وبان الزيف والذهب المصفى * " علي " بيننا شبه المحك (2) * (الشعر والشعراء عند الأئمة) * هذه الدعاية الروحية، والنصرة الدينية، المرغب فيها بالكتاب والسنة، والمجاهدة دون المذهب بالشعر ونظم القريض، كانت قائمة على ساقها في عهد أئمة العترة الطاهرة تأسيا منهم بالنبي الأعظم، وكانت قلوب أفراد المجتمع تلين لشعراء أهل البيت فتتأثر بأهازيجهم حتى تعود مزيجة نفسياتهم.
وكان الشعراء يقصدون أئمة العترة من البلاد القاصية بقصايدهم المذهبية، وهم صلوات الله عليهم يحسنون نزل الشاعر وقراه، ويرحبون به بكل حفاوة وتبجيل، و يحتفلون بشعره ويدعون له، ويزودونه بكل صلة وكرامة، ويرشدونه إلى صواب القول إن كان هناك خلل في النظم، ومن هنا أخذ الأدب في تلك القرون في التطور و التوسع حتى بلغ إلى حد يقصر دونه كثير من العلوم والفنون الاجتماعية.
وقد يكسب الشعر بناحيته هذه أهمية كبرى عند حماة الدين أهل بيت الوحي حتى يعد الاحتفال به، والاصغاء إليه، وصرف الوقت النفيس دون سماعه واستماعه من أعظم القربات وأولى الطاعات، وقد يقدم على العبادة والدعاء في أشرف الأوقات وأعظم المواقف، كما يستفاد من قول الإمام الصادق عليه السلام وفعله بهاشميات الكميت لما دخل عليه في أيام التشريق بمنى فقال له: جعلت فداك ألا أنشدك؟ قال: إنها أيام عظام قال: إنها فيكم، فلما سمع الإمام عليه السلام مقاله بعث إلى ذويه فقر بهم إليه وقال: هات فأنشده لاميته من الهاشميات فحظي بدعائه عليه السلام له وألف دينار وكسوة. وسنوقفك على تفصيل هذا الاجمال في ترجمة كميت والحميري ودعبل.
ونظرا إلى الغايات الاجتماعية كان أئمة الدين يغضون البصر من شخصيات الشاعر