عندهم، يضرب به الكاذب الذي يعتذر ولا عذر له، يعني: أن اللبن المحقون لديكم يكذبكم في عذركم. فما في مروج الذهب من: يأبى الحقير العذرة. وفي العقد الفريد أبي الخبير العذر. فهو تصحيف.
* (قيس ومعاوية في المدينة) * روى التابعي الكبير أبو صادق سليم بن قيس الهلالي في كتابه قال: قدم معاوية حاجا في أيام خلافته بعد ما مات الحسن بن علي عليها السلام فاستقبله أهل المدينة فنظر فإذا الذين استقبلوه عامهم قريش فالتفت معاوية إلى قيس بن سعد بن عبادة فقال:
ما فعلت الأنصار، وما بالها ما تستقبلني؟؟!! فقيل: إنهم محتاجون ليس لهم دواب.
فقال معاوية: فأين نواضحهم؟ فقال قيس بن سعد: أفنوها يوم بدر واحد وما بعدهما من مشاهد رسول الله صلى الله عليه وآله حين ضربوك وأباك على الاسلام حتى ظهر أمر الله وأنتم كارهون. فقال معاوية: اللهم اغفر. فقال قيس: أما إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: سترون بعدي أثرة. فقال معاوية: فما أمركم به؟ قال أمرنا أن نصبر حتى نلقاه. قال: فاصبروا حتى تلقونه.
ثم قال يا معاوية: تعيرنا بنواضحنا؟ والله لقد لقيناكم عليها يوم بدر وأنتم جاهدون على إطفاء نور الله، وأن تكون كلمة الشيطان هي العليا، ثم دخلت أنت وأبوك كرها في الاسلام الذي ضربناكم عليه. فقال معاوية: كأنك تمن علينا بنصرتكم إيانا فلله ولقريش بذلك المن والطول. ألستم تمنون علينا يا معشر الأنصار بنصرتكم رسول الله وهو من قريش وهو ابن عمنا ومنا، فلنا المن والطول إن جعلكم الله أنصارنا وأتباعنا فهداكم بنا. فقال قيس.
إن الله بعث محمد صلى الله عليه وآله رحمة للعالمين فبعثه إلى الناس كافة، وإلى الجن والإنس والأحمر والأسود والأبيض اختاره لنبوته، واختصه برسالته، فكان أول من صدقه وآمن به ابن عمه علي بن أبي طالب عليه السلام وأبو طالب يذب عنه ويمنعه ويحول بين كفار قريش وبين أن يردعوه أو يؤذوه وأمره أن يبلغ رسالة ربه، فلم يزل ممنوعا من الضيم والأذى حتى مات عمه أبو طالب وأمر ابنه بموازرته فوازره ونصره، وجعل نفسه دونه في كل شديدة وكل ضيق وكل خوف، واختص الله بذلك