ثقيلين جدا على مناوئيهم، وكانت العداء عليهم محتدمة، والشحناء لهم متشزنة، وكان حامل ألوية هذه الناحية من الشعر لم يزل خائفا يترقب، آيسا من حياته مستميتا مستقتلا، لا يقر له قرار، ولا يأواه منزل. وكان طيلة حياته يكابد المشاق، ويقاسي الشدايد من شنق وقتل وحرق وقطع لسان وحبس وعذاب وتنكيل وضرب وهتك حرمة وإقصاء من الأهل والوطن إلى شدايد أخرى سجلها لهم التاريخ في صحايفه.
* (الشعر والشعراء عند أعلام الدين) * اقتفى أثر الأئمة الطاهرين فقهاء الأمة، وزعماء المذهب، وقاموا لخدمة الدين الحنيف بحفظ هذه الناحية من الشعر كلاءة لناموس المذهب، وحرصا لبقاء مآثر آل الله، وتخليدا لذكرهم في الملأ، وكانوا يتبعون منهاج أئمتهم في الاحتفاء بشاعرهم وتقديره، والإثابة على علمه والشكر له بكل قول وكرامة، وكانوا يحتفظون بهذه المغازي بالتأليف في الشعر وفنونه، ويعدونه من واجبهم كما كانوا يؤلفون في الفقه و ساير العلوم الدينية، مهما كان كل منهم للغايات حفيا.
هذا: شيخنا الأكبر الكليني الذي قضى من عمره عشرين سنة في تأليف الكافي أحد الكتب الأربعة مراجع الإمامية، له كتاب ما قيل من الشعر في أهل البيت.
والعياشي الذي ألف كتبا كثيرة في الفقه الإمامي لا يستهان بعدتها، له كتاب " معاريض الشعر ". وشيخنا الأعظم الصدوق الذي بذل النفس والنفيس دون التأليف والنشر في الفقه والحديث، له كتاب الشعر. وشيخ الشيعة بالبصرة الجلودي ذلك الشخصية البارزة في العلم وفنونه، له كتاب ما قيل في علي عليه السلام من الشعر. وشيخ الإمامية بالجزيرة أبو الحسن الشمشاطي مؤلف مختصر فقه أهل البيت، له كتب قيمة في فنون الشعر. ومعلم الأمة شيخنا المفيد الذي لا تخفى على أي أحد أشواطه البعيدة في خدمة الدين، وإحياء الأمة، وإصلاح الفاسد، له كتاب مسائل النظم. وسيد الطايفة المرتضى علم الهدى، له ديوان، وتآليف في فنون الشعر. إلى زرافات آخرين من حملة الفقه وأعضاد العلم الإلهي من الطبقة العليا.
ولم يزالوا يعقدون الحفلات والأندية في الأعياد المذهبية من مواليد أئمة