10 - كتاب ابن عباس إلى عمرو كتب ابن عباس مجيبا إلى عمرو بن العاص: أما بعد: فإني لا أعلم رجلا من العرب أقل حياءا منك، إنه مال بك معاوية إلى الهوى، وبعته دينك بالثمن اليسير، ثم خبطت بالناس في عشوة طمعا في الملك، فلما لم تر شيئا، أعظمت الدنيا إعظاما أهل الذنوب وأظهرت فيها نزهة أهل الورع، لا تريد بذلك إلا تمهيد الحرب، وكسر أهل الدين، فإن كنت تريد الله بذلك فدع مصر، وارجع إلى بيتك، فإن هذه الحرب ليس فيها معاوية كعلي، بدأها علي بالحق، وانتهى فيها إلى العذر، وبدأها معاوية بالغي، وانتهى فيها إلى السرف، وليس أهل العراق فيها كأهل الشام، بايع أهل العراق عليا وهو خير منهم، وبايع أهل الشام معاوية وهم خير منه، ولست أنا وأنت فيها بسواء، أردت الله، وأردت أنت مصر، وقد عرفت الشئ الذي باعدك مني، وأعرف الشئ الذي قربك من معاوية، فإن ترد شرا لا نسبقك به، وإن ترد خيرا لا تسبقنا إليه، ثم دعا الفضل بن عباس فقال له: يا بن أم؟ أجب عمرا. فقال الفضل:
يا عمرو حسبك من خدع ووسواس * فاذهب فليس لداء الجهل من آس (1) إلا تواتر طعن في نحوركم * يشجي النفوس ويشفي نخوة الرأس هذا الدواء الذي يشفي جماعتكم * حتى تطيعوا عليا وابن عباس أما علي فإن الله فضله * بفضل ذي شرف عال على الناس إن تعقلوا الحرب نعقلها مخيسة (2) * أو تبعثوها فإنا غير أنكاس قد كان منا ومنكم في عجاجتها * ما لا يرد وكل عرضة الباس قتلى العراق بقتلى الشام ذاهبة * هذا بهذا وما بالحق من باس لا بارك الله في مصر لقد جلبت * شرا وحظك منها حسوة الكاس (3) يا عمرو إنك عار من مغانمها * والراقصات ومن يوم الجزا كأس الإمامة والسياسة 1 ص 95، كتاب صفين ص 219، شرح ابن أبي الحديد