وديني فلم أر يسعني مظاهرة قوم قتلوا إمامهم مسلما محرما برا تقيا فنستغفر الله عز وجل العصمة لذنوبنا ونسأله لديننا، ألا وإني قد ألقيت إليكم بالسلم، وإني أجبتك إلى قتال قتلة عثمان رضي الله عنه إمام الهدى المظلوم، فعول علي فيما أحببت من الأموال والرجال أعجل عليك. والسلام (1) إن شنشنة التقول والافتعال غريزة ثابتة في سجايا معاوية، ومنذ عهده شاعت الأحاديث المزورة فيما يعنيه من فضل بني أمية والوقيعة في بني هاشم عترة الوحي وأنصاره يوم كان يهب القناطير المقنطرة من الذهب والفضة لأهل الجباه السود فيضعون له في ذلك روايات معزوة إلى صاحب الرسالة صلى الله عليه وآله، فإنه بذل لسمرة بن جندب مائة ألف درهم ليروي أن قوله تعالى: ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله. نزل في ابن ملجم أشقى مراد. وقوله تعالى: ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام. الآية. نزل في علي أمير - المؤمنين. فلم يقبل، فبذل له مائتي ألف درهم، فلم يقبل، فبذل له أربعمائة ألف درهم فقبل (2) وله من نظاير هذا شئ كثير.
فليس من البدع اختلاقه على قيس وهو يفتعل على سيده النبي الأطهر ما لم يقله، و على أمير المؤمنين ما لم يكن، وعلى سروات المجد من بني هاشم الأطيبين ما هم عنه بعداء. فهو مبتدع هذه الخزايات العايدة عليه وعلى لفيفه في عهد ملوكيته المظلم، وعلى هذا كان دينه وديدنه، ثم تمرنت رواة السوء من بعده على رواية الموضوعات وشاعت و كثرت إلى أن ألقت العلماء وحفظة الحديث في جهود متعبة بالتأليف في تمييز الموضوع من غيره، والخبيث من الطيب.
لم يزل معاوية دائبا على ذلك متهالكا فيه حتى كبر عليه الصغير، وشاخ الكهل وهرم الكبير، فتداخل بغض أهل البيت عليهم السلام في قلوب ران عليها ذلك التمويه، فتسنى له لعن أمير المؤمنين عليه السلام وسبه في أعقاب الصلوات في الجمعة والجماعات