الكافرين الذين نأوا عن كل خير، وإنما سمي النوى من أجل أنه نأى عن كل خير وتباعد عنه، وقال الله عز وجل: " يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي " فالحي المؤمن الذي يخرج طينته من طينة الكافر، والميت الذي يخرج هو من الحي هو الكافر الذي يخرج من طينة المؤمن، فالحي المؤمن والميت الكافر، وذلك قول الله عز وجل: " أو من كان ميتا فأحييناه " (1) فكان موته اختلاط طينته مع طينة الكافر، وكان حياته حين فرق الله عز وجل بينهما بكلمته، كذلك يخرج الله عز وجل المؤمن في الميلاد من الظلمة بعد دخوله فيها إلى النور، ويخرج الكافر من النور إلى الظلمة بعد دخوله إلى النور، وذلك قوله عز وجل: (2) " لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين " (3).
تبيين: قوله " في أول ساعة " الخ قيل: لما كان خلق آدم عليه السلام بعد خلق السماوات والأرض ضرورة تقدم البسيط على المركب وكان خلق السماوات والأرض وأقواتها في ستة أيام من الأسبوع، وقد جمعت جميعا في الجمعة صار بدو خلق الانسان فيه.
والمراد بكلمته جبرئيل عليه السلام لأنه حامل كلمته، أو لاهتداء الناس به كاهتدائهم بكلام الله، أو لكونه مخلوقا بكلمة " كن " بلا مادة، وقيل: المراد بالسماوات درجات الجنة، وبالأرضين دركات سجين، ليطابق الاخبار الاخر ويحتمل أخذها منهما معا.
وقيل: كأن المراد بالتربة ماله مدخل في تهيئة المادة القابلة لان يخلق منها شئ فيشمل الطينة بمعنى الجبلة، وآثار القوى السماوية المربية للنطفة وبالجملة ماله مدخل في السبب القابلي. انتهى.
وقيل: إطلاق التربة على ما اخذ من السماوات من قبيل مجاز المشارفة أي ما يصير تربة وينقلب إليهما، و " القصوى " مؤنث الأقصى أي الابعد، ويدل على أن الأرض سبع طبقات كالسماوات كما قال الله تعالى: " الله الذي خلق سبع