فقال: يا سدير! كم عسى أن يكونوا؟ قلت: مائة ألف. قال: مائة ألف؟
قلت: نعم ومائتي ألف، فقال: ومائتي ألف؟ قلت: نعم ونصف الدنيا، قال: فسكت عني، ثم قال: يخف عليك أن تبلغ معنا إلى ينبع؟ قلت: نعم فأمر بحمار وبغل أن يسرجا، فبادرت فركبت الحمار، فقال: يا سدير ترى أن تؤثرني بالحمار؟
قلت: البغل أزين وأنبل، قال: الحمار أرفق بي، فنزلت، فركب الحمار، وركبت البغل.
فمضينا فحانت الصلاة، فقال: يا سدير انزل بنا نصلي، ثم قال: هذه أرض سبخة لا يجوز الصلاة فيها، فسرنا حتى صرنا إلى أرض حمراء، ونظر إلى غلام يرعى جداء، فقال: والله يا سدير لو كان لي شيعة بعدد هذه الجداء ما وسعني القعود ونزلنا وصلينا، فلما فرغنا من الصلاة عطفت إلى الجداء، فعددتها فإذا هي سبعة عشر (1).
بيان: سدير كأمير، " ما يسعك القعود " أي ترك القتال والجهاد، وفي المصباح: قعد عن حاجته: تأخر عنها، و " الموالي " الأحباء المخلصون من الشيعة و " تيم " قبيلة أبي بكر، و " عدي " قبيلة عمر: أي ما طمع من غصب خلافته التيمي والعدوي، أو قبيلتهما، " قال مائة ألف " على سبيل التعجب والانكار، " يخف عليك " بكسر الخاء أي يسهل ولا يثقل، وفي القاموس: خف القوم: ارتحلوا مسرعين.
وقال: " ينبع " كينصر حصن له عيون ونخيل وزروع بطريق حاج مصر (2) وفي النهاية: على سبع مراحل من المدينة من جهة البحر انتهى، وقيل: على أربع مراحل وهو من أوقاف أمير المؤمنين عليه السلام، وهو عليه السلام أجرى عينه، كما يظهر من الاخبار.
" أن يسرجا " بدل اشتمال لقوله: حمار وبغل، " أزين " أي الزينة في