وفي قوله سبحانه: " هذا فليذوقوه حميم وغساق " أي هذا حميم وغساق فليذوقوه، وقيل: معناه: هذا الجزاء للطاغين فليذوقوه، وأطلق عليه لفظ الذوق لان الذائق يدرك الطعم بعد طلبه فهو أشد إحساسا به، والحميم: الماء الحار، والغساق: البارد الزمهرير، عن ابن مسعود وابن عباس، فالمعنى أنهم يعذبون بحار الشراب الذي انتهت حرارته، و ببارده الذي انتهت برودته، فببرده يحرق كما يحرق النار، وقيل: إن الغساق:
عين في جهنم يسيل إليها سم كل ذات حمة من وحية وعقرب، وقيل: هو ما يسيل من دموعهم يسقونه مع الحميم، وقيل: هو القيح الذي يسيل منهم، يجمع ويسقونه، وقيل:
هو عذاب لا يعلمه إلا الله " وآخر " أي وضروب اخر " من شكله " أي من جنس هذا العذاب " أزواج " أي ألوان وأنواع متشابهة في الشدة لا نوع واحد " هذا فوج مقتحم معكم " أي يقال لهم: هذا فوج وهم قادة أهل الضلالة إذا دخلوا النار، ثم يدخل الاتباع، فتقول الخزنة للقادة: " هذا فوج " أي قطع من الناس وهم الاتباع " مقتحم معكم " في النار دخلوها كما دخلتم، عن ابن عباس، وقيل: يعني بالأول أولاد إبليس وبالفوج الثاني بني آدم، أي يقال لبني إبليس بأمر الله: هذا جمع من بني آدم مقتحم معكم يدخلون النار وعذابها وأنتم معهم، عن الحسن " لا مرحبا بهم إنهم صالوا النار " أي لا اتسعت لهم أماكنهم، لأنهم لازموا النار، فيكون المعنى على القول الأول أن القادة والرؤساء يقولون للاتباع: لا مرحبا بهؤلاء، إنهم يدخلون النار مثلنا، فلا فرج لنا في مشاركتهم إيانا، فتقول الاتباع لهم: " بل أنتم لا مرحبا بكم " أي لا نلتم رحبا وسعة " أنتم قدمتموه لنا " أي حملتمونا على الكفر الذي أوجب لنا هذا العذاب ودعوتمونا إليه، وأما على القول الثاني فإن أولاد إبليس يقولون:
لا مرحبا بهؤلاء قد ضاقت أماكنهم إذ كانت النار مملوءة منا فليس لنا منهم إلا الضيق والشدة، وهذا كما روي عن النبي صلى الله عليه وآله: أن النار تضيق عليهم كضيق الزج (1) بالرمح.
" قالوا بل أنتم لا مرحبا بكم " أي تقول بنو آدم: لا كرامة لكم أنتم شرعتموه لنا وزينتموه في نفوسنا " فبئس القرار " الذي استقررنا عليه " قالوا ربنا من قدم لنا